كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 13
ظن أنه يستصعب المقصود من استجابتهم ، أو ينقطع الرجاء من إنابتهم فيطول العناء والمشقة ، فبشره سبحانه وتعالى بقوله :
77 ( ) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ( ) 7
فلا عليك من لدد هؤلاء وتوقفهمن فيستجيب من انطوى على الخشية إذا ذكر وحرك إلى النظر في آيات الله كما قيل له في موضع آخر
77 ( ) فلا يحزنك قولهم ( ) 7
[ يونس : 65 ] ثم تبع ذلك سبحانه تعريفاً وتأنيساً بقوله
77 ( ) الرحمن على العرش استوى ( ) 7
إلى أول قصص موسى عليه السلام ، فأعلم سبحانه أن الكل خلقه ملكه ، وتحت قهره وقبضته لا يشذ شيء عن ملكه .
فإذا شاهد آية من وفقه لم يصعب أمره ، ثم اتبع ذلك بقصة موسى عليه السلام ، وما كان منه في إلقائه صغيراً في اليم ، وما جرى بعد ذلك من عجيب الصنع والهلاك فرعون وظهور بني إسرائيل ، وكل هذا مما يؤكد القصد المتقدم ، وهذا الوجه الثاني أولى من الأول - والله أعلم ، انتهى .
) إذ ) أي حديثه حين ) رءا ناراً ( وهو راجع من بلاد مدين ) فقال لأهله امكثوا ) أي مكانكم واتركوا ما أنتم عليه من السير ؛ ثم علل أمره بقوله : ( إني ءانست ناراً ) أي أبصرت في هذا الظلام إبصاراً بيناً لا شبهة فيه نت إنسان العين الذي تبين به الأشياء ، وهو مع ذلك مما يسر من الإنس الذين هم ظاهرون ما ترك بهم ) ناراً ( فكأنه يل ، فكان ماذا ؟ فقال معبراً بأداة الترجي لتخصيصه الخبر الذي عبر به في النمل بالهدى : ( لعلي ءاتيكم ) أي أترجى أن أجيئكم ) منها بقبس ) أي بشعلة من النار في رأس حطبة فيها جمرة تعين على برد هذه الليلة ) أوأجد على ( مكان ) النار هدى ) أي ما أهتدي به لأن الطريق كانت قد خفيت عليهم ) فلما أتها ( .
ولما كان في الإبهام ثم تعيين تشويق ثم تعظيم ، بنى للمفعول قوله : ( نودي ( من الهدى الذي لا هدى غيره ؛ ثم بين النداء بقوله : ( ياموسى ( ولما كان المقام للتعريف بالأيادي تلطفاً ، قال مؤكداً ، تنبيهاً له على تعرف أنه كلامه سبحانه من جهة أنه يسمعه من غير جهة معينة وعلى غير الهيئة التي عهدها في مكالمة المخلوقين ، مسقطاً الجار في قراءة ابن كثير وأبي عمرو وأبي حفص بالفتح ، وحاكياً بقول مقدر عند الباقين : ( إني أنا ربك ) أي المحسن إليك بالخلق والرزق وغيرهما من مصالح الدارين ) فاخلع نعليك ( كما يفعل بحضرات الملوك أدباً ، ولتنالك بركتها ولتكون مهيأً للإقامة غير ملتفت إلى ما وراءك من الأهل والولد ، ولهذا قال أهل العبارة : النعل يدل على الولد .
ثم علل بما يرشد إلى أنه تعالى لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان فقال : ( إنك بالواد المقدس ) أي المطهر عن كل ما لا يليق بأفنية الملوك ؛ ثم فسره بقوله : ( طوى ( ولما كان المعنى : فإني اخترته تشريفاً له من بين البقاع لمناجاتك ، عطف