كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 158
وجعل بعضهم في نحور بعض ، عطف عليه أو على قوله ) أذن ( قوله : ( ولينصرون الله ) أي الملك الأعظم ، وأظهر ولم يضمر تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف فقال : ( من ينصره ( كائناً كم كان منهم ومن غيرهم ، بما يهيىء له من الأسباب ، إجراءً له على الأمر المعتاد ، وبغير أسباب خرقاً للعادةن كما وقع في كثير من الفتوحاتن كخوض العلاء بن الحخضرمي رضي الله عنه البحر الملح إلى جواثاء بالبحرين ، واقتحام سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الدجلة مع عظمها في ذلك العام وطموهان وزيادتها وعلوها ، وزلزلة أسوار حمص بالتكبير وتهدّم كثيراً من بيوتهان عن إتقان بنيانها ، وإحكام قواعدها وأركانها ونحو ذلك ؛ ثم علل نصره وإن ضعف المنصور ، بقوله : ( إن الله ) أي الذي لا كفوء له ) لقوي ) أي على ما يريد ) عزيز ( لا يقدر أحد على مغالبته ، ومن كان ناصره فهو المنصور ، وعدوه المقهور ، ولقد صدق سبحانه فيما وعد به ، فأذل بأنصار دينه رضي الله عنهم - جبابرة أهل الأرض وملوكهم ، ومن أصدق من الله حديثاً .
ولما وصف نفسه سبحاه بما يقتضي تمكين منصوره الذي ينصرهن وصفهم بما يبين أن قتالهم له ، لا لهم ، بعد أن وصفهم بأنهم أوذوا بالإخراج من الديار الذي يعادل القتل ، فقال : ( الذين ( ولما كانن وقت النصرة مبهماً آخره يوم الفصل ، عبر بأجاة الشك ليكون ذلك أدل على إخلاص المخلص في القتال : ( أن مكناهم ( بما لنا من العظمة ) في الأرض ( بإعلائهم على أضدادهم ) أقموا الصلاة ( اي الني هي عماد الدين ، الدالة على المراقبة والإعراض عن تحصيل الفاني ) وآتوا الزكاة ( المؤذنة بالزهذ في الحاصل منه ، لالمؤذن بعمل النفس للرحيل ) وأمروا بالمعروف ( وهو ما عرفه الشرع وأجاره ) ونهوا عن المنكر ( المعرف بأنه لا أنس لهم إلا به سبحانه ، ولا خوف لهم إلا منه ، ةولا رجاء فيه والآية دالة على صحة خلافة الأئمة الأربعة .
ولما كان هذا ابتداء الأمر بالجهاد ، وكان عقب ما آذى أعداؤه أولياءه ، فطال أذاهم لهم ، فكان التقدير كما أرشد إليه العطف على غير مذكور ، عطفاً على ) ولولا دفع ( فااّه بادئة الأمور ، عطف عليه قوله : ( والله ) أي الملك الأعلى المحيط بكل شيء ) عاقبة الأمور ( فتمكينهم كائن لا محالة ، لكن ذكره للعاقبة وطيه للبادئة منبه على أنه تعالى يجعل للشيطان - كما هو المشاهد في الأغلب - حظاً في البادئة ، ليتيبن الصادق من الكاذب ، والمزلزل من اثابت ، وأما العاقبة فهي متمحضة له إلى أن يكون آخرذلك القيامة التي لا يكون لأحد فيها أنمر ، حتى أنه لا ينطق أحد إلا بإذن خاص .
ولما كان في ترغيب هذه الآيات وترهيبها ما يعطف العاقل ، ويقصف الجاهل ، طوي حكم العاقل لفهمه ما سبق ، وهو : فإنه يؤمنوا بك مكناهم في الأرض ، ودل عليه بعطف حكم