كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 16
ثنى بعد مصلحة نفسه بأمر رعيته فقال : ( وأهشُّ ) أي أخبط الورق ، قال ابن كثير : قال عبد الرحمن بن القاسم عن الإمام مالك : والهش أن يضع الرجب المحجن في الغصن ثم يحركه حتى يسقط ورقه وثمره ولا يكسر العود ولا يخبط فهذا الهش ، قال : وكذا قال ميمون بن مهران ، وقال أبو حيان : والأصل في هذه المادة الرخاوة .
يقال : رجل هش .
) بها على غنمي ( .
ولما كان أكمل أهل ذلك الزمان ، خاف التطويل على الملك فقطع على نفسه ما هو فيه من لذة المخاطبة كما قيل : اجلس على البساط وإياك والانبساط ، وطمعاً في سماع كلامه سبحانه وتعالى ، فقال مجملاً : ( ولي فيها مآرب ) أي حوائج ومنافع يفهمها الألبّاء .
ولما كان المحدث عنه لايعقل ، وأخبر عنه بحمع كثرة ، كان الأنسب معاملته معاملة الواحدة المؤنثة فقال : ( أخرى ( تاركاً للتفصيل ، فكأنه قيل : فماذا قيل له ؟ فقيل : ( قال القها ) أي العصا ، وأنسه بقوله سبحانه وتعالى : ( ياموسى فألقاها ) أي فتسبب عن هذا الأمر المطاع أنه ألقاها وام يتلعثم ل ) فإذا هي ) أي في الحال ظاهراً وباطناً ) حية ( عظيمة جداً يطلق عليها لعظمعا بنهاية أمرها اسم الثعبان ، والحية اسم جنس يقع على الذكر والأنثى والصغير والكبير ) تسعى ( سعياً خفيفاً يطلق عليها لأجله في أول أمرها اسم الجانن فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنها صارت حية صفراء لها عرف كعرف الفرس ، وجعلت تتورم حتى صارت ثعباناً - انتهى .
فهي في عظم الثعبان وسرعة الجان .
ولما كان ذلك أمراً مخيفاً ، استشرف السامع إلى ما يمون من حاله عند مثل هذا بعد ذلك ، فاستأنف إخباره بقوله : ( قال ( اي الله تبارك وتعالى على ما يكون منها عند فرعون لأجل التدريب : ( خذها ولا تخف ( مشيراً إلى أنه هخاف منها على عادة الطبع البشريّ ؛ ثم علل له النهي عنالخوف بقوله ) سنعيدها ) أي بعظمتنا عند أخذك لها بوعد لا خلف فيه ) سيرتها ) أي طريقتها ) الأولى ( من كونها عصا ، فهذه آية بينة على أن الذي يخاطبك هو ربك الذي له الأسماء الحسنى ، فنزلت عليه السكينة ، وبلغ من طمأنينته أن أدخل يده في فمها وأخذ بلحيتها ، فإذا هي عصاه ، ويده بين شعبيتها .
ولما أراه آية في بعض اآفاق ، أراد أن يريه آية في نفسه فقال : ( واضمم يدك ( من جيبك الذي يخرج منه عنقك ) إلى جناحك ) أي جنبك تحت العضد تنضم على ما هي عليه من لونها وما بها من الحريق ، وأخرجها ) تخرج ( فالآية من باب الاحتباك ، والجناح : اليد ، والعضد ، والأبط ، والجانب - قاله في القاموس ، فلا يعارض هذا ما في القصص لأنه أطلق الجناح هناك على اليد وهي أحق به ، وهنا على الجنب الذي هو موضعها تسمية للمحل باسم الحال ) بيضاء ( بياضاً كالشمس تتعجب منه .

الصفحة 16