كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 160
قرية أهلكناها ( كهؤلاء المذكورين وغيرهم ، وفي قراءة الجماعة غير أبي عمرو بالنون إظهاراً للعظمة ) وهي ) أي والحال أنها ) ظالمة فهي ) أي فتسبب عن إهلاكها أنها ) خاوية ) أي متهدمة ساقطة أي جدرانها ) على عروشها ) أي سقوفها ، بأن تقصفت الأخشاب ولا من كثرة الأمطار ، وغير ذلك من الأسرار ، فسقطت ثم سقطت عليها الجدران .
أو المعنى : خالية ، قد ذهبت أرواحها بذهاب سكانها على البقاء سقوفها ، ليست محتاجة إلىغير السكان ) و ( كم من ) يئر معطلة ( من أهلها مع بقاء بنائها ، وفوران مائها ) وقصر مشيد ) أي عال متقن مجصص لأنه لا يشيد - أي يجصص - إلا الذي يقصد رفعه ، فحلت القصور من أربابها ، وأقفرت موحشة من جميع أصاحبها ، بعد كثرة التضام في نواديها ، وعطلت الآبار من ورّادها بعد الازدحام بين رائحتها وغاديها ، دانية ونائية ، حاضرة وبادية ؛ ولما كان خراب المشيد يوهى من أركانه ، ويخلق من جدارنه ، لم يحس التشديد في وصف القصر ، كما أحسن في وصف البئر .
ولما كان هذا واعظاً لمن له استبصار ، وعاطفاً له إلى العزيز الغفار ، تسبب عنه النفي ، وقد دخلت على النفي السير فنفته ، فأثبتت السير عرياً عما أفاده الجواب ، وهو قوله ) فتكون ) أي فيتسبب عن سيرهم أن تكون ) لهم قلوب ( واعية ) يعقلون بها ( ما رأوه بأبصارهم في الآيات المرئيات من الدلالة على وحدانية الله تعالى وقدرته على الإحياء والإماتة متىى أراد فيعتبروا به ، فانتفاء القلوب الموصوفة متوقف على نفي السير الذي هو إثبات السير ، وكذا الكلام في الآذان من قوله ) أو ) أي أو تكون لهم إن كانوا عمي الأبصار كما دل عليه جعل هذا قسيماً ) آذان يسمعون بها ( الآيات ا لمسموعة المترجمة عن تلك القرى وغيرها سواء ساروا أو لم يسيروا ، إن كانت بصائرهم غير نافذة الفهم بمجرد الرؤية فيتدبروها بقلوبهم ، فإنه لا يضرهم فقد الأبصار عند وجود البصائر .
ولما كان الضار للإنسام إنما هو عمى البصائر دون ابصار ، نفى العمى أصلاً عن الأبصار لعدم ضرورة مع إنارة البصائر ، وخصه بالبصئر لوجود الضرر به ولو وجدت البصار ، مسبباً عما مضى مع ما أرشد إليه من التقدير ، فقال : ( فإنها لا تعمى الأبصار (