كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 166
يصلون به إلى معرفة بطلانه ، فيوصلهم ذلك غلى سعادة الدارين ) ولا يزال الذين كفروا ) أي وجد منهم الكفر وطبعوا عليه ) في مرية ) أي شك يطلبون السكون إليه ) منه ) أي من أجل إلقاء الشيطان وما ألقاه ، أو مبتدىء منه ) حتى تأتيهم الساعة ) أي الموت أو القيامة ) بغتة ) أي فجأة بموتهم حتف الأنف ) أو يأتيهم عذاب يوم عقيم ( يقتل فيه جميع أبنائهم منهم ولا يكون لهم فيه شيء مما يترجونه من نصر أو غيره كما سعوا بجدلهم وإلقاء الضلالات في إعقام الآيات ، فإذا انكشف لهم الغطاء بالساعة أو العذاب الموصل إلى حد الغرغرة آمنوا دأب البهائم التي لا ترى إلا الجزيئات ، فلم ينفعهم ذلك لفوات شرطه ، وقد زالت بحمد الله عن هذه الآية - بما قررته الشكوك ، وانفصحت مخيلات الشبه ، وانقمعت مضلات الفتن ، من قصة الغرانيق وما شكلها مما يتعالى عنه ذلك الجناب الرفيع ، والحمى العظيم المنيع ، ولم يصح شيء من ذلك كما صرح به الحافظ عماد الدين ابن كثير وغيره كيف وقد منع الشيطان من مثاله ( صلى الله عليه وسلم ) في المنام ، كما قال ( صلى الله عليه وسلم ) فيما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه ( من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي ) وقد تولى الله سبحانه حفظ الذكر الحكيم بحراسة السموات وغيرها
77 ( ) إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ( ) 7
77 ( ) إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ( ) 7
[ الجن : 27 ] .
ولما كانوا من الكثرة والقوة بمكان كان كأنه قيل : كيف يغلبون ؟ فقال جواباً عن ذلك : ( الملك يومئذ ) أي يوم إذ تأتيهم ذلك إما في القيامة أو في ا لدنيا ) لله ) أي المحيط بجميع صفات الكمال وحد بتغليب اسمه الظاهر ، بأن يجري أمره فيه على غير الأسباب التي تعرفونها .
ولما كان كأنه قيل : ما معنى اختصاصه به وكل الأيام له ؟ قيل : ( يحكم بينهم ) أي بين المؤمنين والكافرين بالأمر الفيصل ، لا حكم فيه ظاهراً ولا باطناً لغيره ، كما ترونه الآن ، بل يمشي فيه الأمر على أتم قوانين العدل ، ولذلك سبب ظهور العدل عنه قوله مفصلاً بادئاً .
إظهاراً لتفرده بالحكم بإكرام من كانوا قاطعين بهوانهم في الدارين مع أن تقديمهم أوفق لمقصود السورة : ( فالذين آمنوا وعملوا ) أي وقصدوا دعواهم الإيمان بأن عملوا ) الصالحات ( وهي ما أمرهم الله به .