كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 183
خوف ممزوج بتيقظ واستكانة ، ثم قد يكون في المعاملة إيثاراً ومجاملة و إنصافاً ومعدله ، وفي الخدمة حضوراً واستكانة .
وفي السر تعظيماً وحياء وحرمة ، والخشوع في الصلاة بجمع الهمة لها ، والإعراض عما سواها ، وذلك بحضور القلب والتفهم والتعظيم والهيبة والرجاء والحياء ، وإذا كان هذا حالهم في الصلاة التي هي أقرب القربات .
فهم به فيما سواها أولى .
قال ابن كثير : والخشوع في ا لصلاة إنما يحصل لمن فرغ قلبه لها ، واشتغل بها عما عداها ، وآثرها على غيرها ، وحينئذ تكون راحة له وقرة عين ( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) رواه أحمد والنسائي عن أنس رضي الله عنه ( يا بلال أرحنا بالصلاة ) - رواه أحمد عن رجل من أسلم رضي الله عنه .
ولما كان كل من الصلاة والخشوع صاداً عن اللغو ، أتبعه قوله : ( والذين هم ( بضمائرهم التي تبعها ظواهرهم ) عن اللغو ) أي ما لا يعنيهم ، وهو كل ما يستحق أن يسقط ويلغى ) معرضون ) أي تاركون عمداً ، فصاروا جامعين فعل ما يعني وترك ما لا يعني .
ولما جمع بين قاعدتي بناء التكاليف : فعل الخشوع وترك اللغو ، وكان الإنسان محل العجز ومركز التقصير ، فهو لا يكاد يخلو عما لا يعنيه ، وكان المال مكفراً لما قصد من الإيمان فضلاً عما ذكر منها على سبيل اللغو ، فكان مكفراً للغو في غير اليمين من باب الأولى
77 ( ) خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ( ) 7
[ التوبة : 103 ] اتبعه قوله : ( والذين هم ( وأثبت اللام تقوية لاسم الفاعل فقال : ( للزكاة ) أي التزكية ، وهي إخراج الزكاة ، أو لأداء الزكاة التي هي أعظم مصدق للإيمان ) فاعلون ( ليجمعوا في طهارة الدين بين القلب والقالب والما ؛ قال ابن كثير : هذه مكية ، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة ، والظاهر أن التي فرضت بالمدينة إنما هي ذات النصب ، وأن أصل الزكاة كان واجباً بمكة كما قال تعالى في سورة الأنعام
77 ( ) وآتوا حقه يوم حصاده ( ) 7
[ الأنعام : 141 ] .
ولما أشار إلى أن بذل المال على وجهه طهرة ، ةأن حبسه عن ذلك تلفة ، أتبعه

الصفحة 183