كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 186
أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير ( ) 7
[ الحج : 77 ] وأعلم بما ينبغي للراكع والساجد التزامه من الخشوع ، ولالتحام الكلامين ما ورد الأول أمراً والثاني مدحه وتعريفاً بما به كمال الحال ، وكأنه لما أمر المؤمنين ، وأطمع بالفلاح جزاء لامتثاله ، كان مظنة لسؤاله عن تفصيل ما أمر به من العباد وفعل الخير الذي به يكمل فلاحه فقيل له : المفلح من التزم كذا وكذا ، وذكر سبعة أضرب من العبادة هي أصول لما وراءها زمستتبعة سائر التكاليف ، وقد بسط حكم كل عبادة منها وما يتعلق بها في الكتاب والسنة ؛ ولما كانت المحافظة على الصلاة منافرة إتيان المأثم جملة
77 ( ) إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ( ) 7
[ العنكبوت : 45 ] لذلك ما ختمت بها هذه العبادات بعد التنبيه على محل الصلاة من هذه العبادة بذكر الخشوع فيها أولاً ، واتبعت هذه الضروب السبعة بذكر أطوار سبعة يتقلب فيها الإنسان قبل خروجه إلى الدنيا فقال تعالى ) ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ( - إلى قوله : ( ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ( وكأن قد قيل له : إنما كمل خلقك وخروجك إلى الدنيا بعد عقب هذه الايات قوله تعالى ) ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق ( ولعل ذلك مما يقرر هذا الاعتبار ووارد لمناسبته - والله أعلم ، وكما أن صدر هذه السورة مفسر لما أجمل في الآيات قبلها فكذا الآيات بعد مفصلة لمجمل ما تقدم في قوله تعالى
77 ( ) يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ( ) 7
[ الحج : 5 ] وهذا كاف في التحام السورتين والله سبحانه المستعان - انتهى .
ولما ذكر سبحانه الجنة المتضمن ذكرها لبعث ، استدل على القدرة عليه بابتداء الخلق للإنسان ، ثم لما هو أكبر منه من الأكوان ، وما فيهما من المنافع ، فلما ثبت ذلك شرع يهدد من استكبر عنه بإهلاك الماضين ، وابتدأ بقصة نوح عليه الصلاة والسلام لأنه أول ، ولأن نجاته كانت في الفلك المختوم به الآية التي قبله ، وفي ذلك تذكير بنعمة النجاة فيه لأن الكل من نسله ، فلما ثبت بالتهديد بإهلاك الماضين القدرة التامة بالاختيار ، خوف العرب مثل العذاب ، فلما تم زاجر الإنذار بالنقم شرع في الاستعطاف إلى الشكر بالنعم ، بتمييز الإنسان على سائر الحيوان ونحو ذلك ، ثم عاد إلى دلائل القدرة على البعث بالوحدانية والتنزه عن الشريك والولد - إلى آخرهان ثم ذكر في أول التي بعدها على ما ذكر هنا من صون الفروج ، فذكر حكم من لم يصن فرجه أتبعه ما يناسبه من توابعه .
ولما كان التقدير : فلقد حكمنا ببعث جميع العباد بعد الممات ، فريقاً منهم إلى