كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 215
المرحوم في إزالة ضرره هو معنى ) وكشفنا ( اي بما من العظمة ) ما بهم من ضر ( وهو الذي عرض جؤارهم بسببه ) لَلَجّوا ) أي تمادوا تمادياً عظيماً ) في ظغيانهم ( الذي كانوا عليه قبل الجؤار وهو إفراطهم في منابذة الحق والاستقامة ) يعمهون ) أي يفعلون من التحير والتردد فعل من لا بصيرة له في السير النحرف عن القصد ، والجائر عن الاستقامة ، قال ابن كثير : فهذا من باب علمه بما لا يكون لو كان كيف كان يكون ، قال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما : كل ما فيه ( لو ) فهو مما لا يكون أبداً .
ثم أتبع هذا الدليل تأييداً له ما يدل على أنهم لا يسلكون الصراط غلا اضطراراً فقال : ( ولقد أخذناهم ) أي بما لنا من العظمة ) بالعذاب ) أي بمطلقه كإظهار حزب الله عليهم في بدر وغيرها ) فما استكانوا ) أي خضعوا خضوعاً هو كالجبلة لهم ) لربهم ( المحسن إليهم عقب المحنة ، وحقيقته ما طلبوا أن يكونوا له ليكرموا مقام العبودية من الذب والخضوع والانقياد لأموامره تاركين حظوظ أنفسهم ، والحاصل أنه لما ضربهم بالعذاب كان من حقهم أن يكونوا له لا لشركائهم ، فما عملوا بمقتضى ذلك إيجاداً ولا طلباً ) وما يتضرعون ( اي يجددون الدعاء بالخضوع والذل والخشوع في كل وقت بحيث يكون لهم عادة ، بل هم على ما جلبوا عليه من الاستكبار والعتو إلا إذا التقت حلقتا البطان ، على عتوهم ) حتر إذا فتحنا ) أي بما لنا من العظمة ، ودل على أنه فتح عذاب فقال : ( عليهم باباً ( من الأبواب التي نقهر بها من شئنا بحيث يعلوه أمرها ولا يستطيع دفعها ) ذا عذاب شديد ( يعني القتل والأسر يوم بدر - قاله ابن عباس رضي الله عنهما ، أو القحط الذي سلطه عليهم غجابة لدعوة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في قوله : ( اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) ) إذا هم فيه ) أي ذلك الباب مظرفون لا يقدرون منه على نوع خلاص ) مبلسون ) أي متحيزون ساكنون على ما في أنفسهم آئسون لا يقدرون أن ينطقوا بكلمة ، داخلون في الإبلاس وهو عدم الخير ، متأهلون لسكنى ( بولس ) وهو سجن جهنم ، لعدم جعلهم التضرع وصفاً لهم لازماً غير عارض ، والخوف من الله شعاراً دائماً غير مفارق ، استحضاراً لقدرته واستكباراً لعظمته ؛ ثم التفت غلى خطابهم ، استعطافاً بعتابهم ، لأنه عند التذكير بعذابهم أقرب إلى إيابهم ، فقال : ( وهو ) أي ما استكانوا لربهم والحال أنه هو لا غيره ) الذي أنشأ لكم ( يا من يكذب بالآخرة ، على غير مثال سبق ) السمع والأبصار ( ولعله جمعها لأن التفاوت فيها أكثر من التفاوت في السمع ) والأفئدة ( التي هي مراكز العقول ، فكنتم بها أعلى من بقية الحيوانات ، جمع

الصفحة 215