كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 230
ما فيها مبيناً أن تنويهاً للتعظيم بقوله : ( أنزلناها ) أي بما لنا م نالعظمة وتمام العلم والقدرة ) وفرضناها ) أي قررناها وقدرناها وأكثرنا فيها من الفروض وأكدناها ) وأنزلنا فيها ( بشمول علمنا ) آيات ( من الحدود والحكام والمواعظ والأمثال وغيرها ، مبرهناً عليها ) بينات ( لا إشكال فيها رحمة منا لكم ، فمن قبلها دخل في دعوة نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) التي لقناه إياها في آخر تلك فرحمه خير الراحمين ، ومن أباها ضل فدخل في التبكيت بقولنا
77 ( ) ألم تكن آياتي تتلى عليكم ( ) 7
[ المؤمنون : 105 ] ونحوه ، وذلك معى قوله : ( لعلكم تذكرون ) أي لتكونوا - إذا تأملتموها مع ما قبلها من الآيات المرققة والقصص المحذرة - على رجاء - عند من لا يعلم العواقب - من أن تتذكروا واو نوعاً من التذكر - كما أشار إليه الإدغام - بما ترون فيها من الحكم أن الذي نصبها لكم وفصلها إلى ما ترون لا يترككم سدى ، فتقبلوا على جميع أوامره ، وتنتهوا عن زواجره ، ليغفر لكم ما قصرتم فيه من طاعته ، ويرحمكم بتنويل ما لا وصول لكم إليه إلا برحمته ، وتتذكروا أيضاً بما يبين لكم من الأمور ، ويكشف عنه الغطاء من الأحكام التي اغمت عنها حجب النفوس ، وسترتها ظلمات الأهوية - ما جبل عليه الآدميون ، فتعلموا أن الذي تحبون أن يفعل معكم بحب غيركم أن تفعلوه معه ، والذي تكرهونه من ذلك يكرهه غيركم ، فيكون ذلك حاملاً لكم على النصفة فيثمر الصفاء ، والألفة والوفاء ، فتكونوا من المؤمنين المفلحين الوارثين الداخلين في دعوة البشير النذير بالرحمة .
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير في برهانه : لما قال تعالى
77 ( ) والذين هم لفروجهم حافظون ( ) 7
[ المؤمنون : 5 ] ثم قال تعالى
77 ( ) فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ( ) 7
[ المؤمنون : 7 ] استدعى الكلام بيان حكم العادي في ذلك ، ولم يبين فيها فأوضحه في سورة النور فقال تعالى ) الزانية والزاني ( - الآية ، ثم أتبع ذلك بحكم اللعان والقذف وانجرّ مع ذلك الإخبار بقصة الإفك تحذيراً للمؤمنين من زلل الألسنة رجماً بالغيب ) تحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم ( واتبع ذلك بعد بوعيد محبّي شياع الفاحشة ، في المؤمنين بقوله تعالى
77 ( ) إن الذين يرمنو المحصنات الغافلات المؤمنات ( ) 7
[ النور : 23 ] الآيات ، ثم بالتحذيرمن دخول البيوت إلا بعد الاستئذان المشروع ، ثم بالأمر بغض الأبصار للرجال والنساء ونهى النساء عن إبداء الزينة إلا لمن سمى الله سبحانه في الآية ، وتكررت هذه المقاصد في هذه السورة غلى ذكر حكم العورات الثلاث ، ودخول بيوت الأقارب وذي الرحام ، وكل هذا مما تبرأ ذمة المؤمن بالتزام ماأمر الله فيه من ذلك والوقوف عندما حده تعالى من أن يكون من العادين المذمومين في قوله تعالى
77 ( ) فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ( ) 7
[ المؤمنون : 7 ] .
وما تخلل الآي المذكورات

الصفحة 230