كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 237
أن لا يعودوا كما بين في البقرة في قوله تعالى
77 ( ) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا ( ) 7
[ البقرة : 160 ] وأشار إلى أن الجلد لا يسقط بالتوبة بقوله مشيراً بإدخال الجار إلى أن قبولها لا يتوقف على استغراقها الزمان الآتي : ( من بعد ذلك ( اي المر الذي أوجب رد الشهادة وما تسببت عنه وهو الفسق ، وأشار إلى شروط التوبة بقوله : ( وأصلحوا ( اي بعد التوبة بمضي مدة يظن بها حسن الحال ، وهي سنة يعتبر بها حال التائب بالفصول الأربعة التي تكشف الطباع .
ولما كان استثناؤهم من رد الشهادة والفسق ، فكان التقدير : فاقبلوا شهادتهم ولا تصفوهم بالفسق ، علله بقوله : ( فإن الله ) أي الذي له صفات الكمال ) غفور ) أي ستور لهم ما أقدموا عليه لرجوعهم عنه ) رحيم ) أي يفعل بهم من الإكرام فعل الراحم بالمرحوم في قبول الشهادة .
ولما كان لفظ المحصنات عاماً للزوجات ، وكان لهن حكم غير ما تقدم ، أخرجهن بقوله : ( والذين يرمون ) أي بالزنى ) أزواجهم ) أي المؤمنات الأحرار والإماء والكافرات ) ولم يكن لهم ( بذلك ) شهداء إلا أنفسهم ( وهذا يفهم أن الزوج إذا كان أحد الأربعة كفى ، لكن يرد هذا المفهوم كونه حكاية واقعة لا شهود فيها ، وقوله في الآية قبلها : ( ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ( فإنه يقتضي كون الشهداء غير الرامي ، ولعله استثناه من الشهداء لأن لعانه يكون بلفظ الشهادة ، ومذهب الشافعي رضي الله عنه أنه لا يقبل في ذلك على زوجته - قال ابن الرفعة في الكفاية : لأمرين : أحدهما أن ا لزنى تعرض لمحل حق الزوج ، فإن الزاني مستمتع بالمنافع المستحقة له ، فشهادته في صفتها تتضمن إثبات جناية الغير على ما هو مستحق له فلم تسمع ، كما إذا شهد أنه جنى على عبده ، والثاني أن نم شهد بزنى زوجته فنفس شهادته تدل على إظهار العداوة ، لأن زناها يوغر صدرهبتلطيخ فراشه وإدخال العار عليه ةعلى ولده ، وهو أبلغ في العداوة من مؤلم الضرب وفاخش السب ، قال القاضي الحسين : وإلى هذه العلة أشار الشافعي رحمه الله وهي التي حكاها القاضي أبو الطيب في باب حد قاطع الطريق عن الشيخ أبي حامد .
) فشهادة أحدهم ) أي على من رماها ) أربع شهادات ( من خمس في مقابلة أربعة شهداء ) بالله ) أي مقرونة بهذا الاسم الكريم الأعظم الموجب لاستحضار جميع صفات الجلال والجمال ) إنه لمن الصادقين ) أي فيما قذفها به ) والخامسة أن لعنة الله ) أي ا لملك الأعظم ) عليه ( اي هذا القاذف نفسه ) إن كان من الكاذبين ( فيما رماها به ، ولأجل قطعة بهذه الأيمان الغليظة بصدقه وحكم الله بخالصه انتفى عنه الولد ، فلزم من نفيه الفرقة المؤبدة من غير لفظ لعدم صلاحيتهها أن تكون فراشاً له ، لأن

الصفحة 237