كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 238
الولد للفراش ، ولا يصح اللعان إلا عند حاكم ، ولا يخفى ما في هذا من الإبعاد عن القذف بوجوب مزيد الاحتياط ، لما في ذلك من التكرير والاقتران بالاسم الأعظم ، والجمع بين الإثبات وما يتضمن النفي ، والدعاء باللعن المباعد لصفة المؤمن ، فإذا فعل الزوج ذلك سقط عنه العذاب بحد القذف وأوجبه على المقذوفة ، فلذلك قال تعالى : ( ويدرؤا ) أي يدفع ) عنها ) أي المقذوفة ) العذاب ( اي المعهود ، وهو الحد الذي أوجبه عليها ما تقدم من شهادة الزوج ) أن تشهد اربع شهادات ( من خمس ) بالله ( الذي له جميع الأسماء الحسنى والصفات العلى كما تقدم في الزوج ) إنه لمن الكاذبين ( فيما قاله عنها ) والخامسة ( من الشهادات ) أن غضب الله ( الذي له الأمر كله فلا كفوء له ) عليها ( وهو أبلغ من اللعن الذي هو الطرد ، لأنه قد يكون بسبب غير الغضب ، وسبب التغليظ عليها الحث على اعترافها بالحق لما يعضد الزوج من القرينة من أنه لا يتجشم فضيحة أهله المستلزم لفضيحته إلا وهو صادق ، ولأنها مادة الفساد ، وهاتكة الحجاب ، وخالطه الأنساب ) إن كان ) أي كوناً راسخاً ) من الصادقين ) أي فيما رماها به ؛ روى البخاري في التفسير وغيره عن ابن عباس وغيره رضي الله عنهم أن هلال بن أمية رضي الله عنه قذف ارأته عند النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بشريك بن سحماء رضي الله عنه فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ( البينة وإلا حداً في ظهرك ) ، قال يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً ينطلق يلتمس البينة ؟ فجعل النبي يقول : ( البينة وإلا حداً في ظهرك ) ، فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق ، ولينزلن الله ما يبرىء ظهري من الحد ، فنزل جبريل عليه السلام وأنزل عليه ) والذين يرمون أزواجهم ( فقرأ حتى بلغ ) إن كان من الصادقين ( فانصرف النبي صلى الله صلى عليه وسلم فأرسل إليهما ، فجاء هلال فشهد والنبي ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : ( إن الله يعلم أن أحدكما كاذب ، فهل منكما تائب ؟ ) ثم قامت فشهدت ، فلما كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا : إنها موجبة ، فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع ، ثم قالت : لا أفضح قومي سائر اليوم .
فمضت ، وقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ( أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الأليتين خدلج الساقين فهو لشريك بن سحماء ) ، فجاءت به كذلك ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ( لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن ) وقد روى البخاري أيضاً عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن سبب نزولها قصة مثل هذه لعويمر ، وقد تقدم أنه لا يمتنع أن يكون للآية الواحدة عدة أسباب معاً أو متفرقة .

الصفحة 238