كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 252
الله عنه : اثنتان ، وقال : والرجل يرى الرؤيا ، فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب ؟ قال : نعم سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : ( ما من عبد أو أمة ينام فيستثقل نوماً إلا عرج بروحه إلى العرش ، فالتي لا تستيقظ إلا عند العرش فتلك الرؤيا التي تصدق ، والتي تستيقظ دون العرش فتلك الرؤيا التي تكذب ) فقال عمر رضي الله عنه : ثلاث كنت في طلبهن فالحمد لله الذي أصبتهن قبل الموت وكذا أخرج الطبراني حديث سلمان كحديث أبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين ، وأنشدوا لأبي نواس في المعنى :
إن القلوب لأجناد مجندة لله في الأرض بالأهواء تعترف
فما تعارف منها فهو مؤتلف وما تناكر منها فهو مختلف ولما ثبت هذا كانت نتيجته قطعاً : ( أولئك ) أي العالو الأوصاف بالطهارة والطيب ) مبرؤون ( ببراءة الله وبراءة كل من له تأمل في مثل هذا الدليل ) مما يقولون ) أي القذفة الأخابث لأنها لا تكون زوجة أطيب الطيبين إلا وهي كذلك .
ولما أثبت لهم البراءة ، استأنف الإخبار بجزائهم فقال : ( لهم مغفرة ( اي لما قصروا فيه إن قصروا ، ولما كان في معرض الحث على الإنفاق على بعض الآفكين قال : ( ورزق كريم ( اي يحيون به حياة طيبة ، ويحسنون له إلى من أساء إليهم ، ولا ينقصه ذلك لكرمه في نفسه بسعته وطيبه وغير ذلك من خلال الكرم .
ولما أنهىى سبحانه الأمر في براءة عائشة رضي الله عنها على هذا الوجه الذي كساها به من الشرف ما كساها ، وحلاها برونقه من مزايا الفضل ما حلاها ، وكأن أهل الإفك قد فتحوا بإفكهم هذا الباب الظنون الشيئة عدواة من إبليس لأهل هذا الدين بعد أن كانوا في ذلك وفي كثير من سجاياهم - إذ قانعاً منهم بداء الشرك - على الفطرة الأولى ، امر تعالى رداً لما أثار بواسواسه من الداء بالتنزه عن مواقع التهم والتلبس بما يحسم الفساد فقال : ( يا أيها الذين آمنوا ( أيألزموا أنفسهم هذا الدين ) لا تدخلوا ) أي واحد منكم ، ولعاه خاطب الجمع لأنهم في مظنة أن يطرودوا الشيطان يتزين بعضهم بحضرة بعض بلباس التقوى ، فمن خان منهم منعه إخوانه ، فلم يتكمن منه شيطانه ، فنهي الواحد من باب الأولى ) بيوتاً غير بيوتكم ) أي التي هي سكنكم ) حتى تستأنسوا ) أي تطلبوا بالاستئذان أن يأنس بكم من فيها وتأنسوا به ، فلو قيل له : من ؟ فقال : أنا لم يحصل الاستئناس لعدم معرفته ، بل الذي عليه أن يقول : أنا فلان - يسمى نفسه بما يعرف به ليؤنس به فيؤذن له أو ينفرنمنه فيرد ) وتسلموا على أهلها ) أي الذين هم سكانها ولو بالعارية منكم فتقولوا : السلام عليكم أأدخل ؟ أو تطرقوا الباب إن كان قد لا يسمع الاستئذان ليؤذن لكم ) ذلكم ( الأمر العالي الذي أمرتكم به ) خير لكم (

الصفحة 252