كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 261
) من عبادكم وإمائكم ) أي أرقائكم الذكرو والإناث ، احتياطاً لمصالحهم وصناً لهم عن الفساد امتثالاً لما ندب إليه حديث ( تناكحوا تكاثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ) ولما كان للزواج كلف يهاب لأجلها ، لما طبع الآدمي عليه من الهلع في قلة الوثوق بالرزق ، أجاب من كأنه قال : قد يكون الإنسان غير قادر لكونه معدماً ، بقوله : ( إن يكونوا ) أي كل من ذكر من حر أو عبد ، والتعبير بالمضارع يشعر بأنه قد يكون في النكاح ضيق وسعة ) فقراء ) أي من المال ) يغنهم الله ( اي الذي له الكمال كله ، إذا تزوجوا ) من فضله ( لأنه قد كتب لكل نفس رزقها فلا يمنعكم فقرهم من إنكاحهم ، وعن ابن أبي حاتم عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : أطيعوا الله فيما أمركم من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى .
وقال البغوي : قال عمر رضي الله عنه : عجبت لمن يبتغي الغنى في بغير النكاح - وقرأ هذه الآية .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : التمسوا الغنى في النكاح ، وتلا هذه الآية ابن جرير .
ولأحمد والتميذي والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه : ( ثلاثة حق على الله عونهم : النكاح يريد العفاف ، والماكتب يريد الأداء ، والغازي في سبيل الله ) ويؤيده ما في الصحيح من حديثث الواهبة نفسها حيث زوجها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لمن لم يجد ولا خاتماً من حديد .
ولما كلن التقدير : فالله ذو فضل عظيم ، عطف عليه قوله : ( والله ) أي ذو الجلال والإكرام ) واسع عليم ) أي فهو بسعة قدرته يسوق م اكتبه للمرأة على يد الزوج ، وبشمول علمه يسبب أسبابه ، ولما أمر سبحانه بما يعصم من الفتنة من غض البصر ثم بما يحصن من النكاح ، وجراً عليه بالوعد بالإغناء ، وكان هذا الوعد فيما بعد النكاح ، وقدم الكلام فيه ترغيباً للإنسان في التوكل والإحصان ، وكان قلبه ما قد يتعذر لأجله إما

الصفحة 261