كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 27
جميع أهل الوبر والمدر ) فتولى فرعون ( عن موسى إلى تهيئة ما يريد من الكيد بعد توليه عن الانقياد لأمر الله ) فجمع كيده ) أي مكره وحيلته وخداعه ، الذي دبره على موسى بجمع من يحصل بهم الكيد ، وهم السحرة ، حشرهم من كل أوب ، وكان أهل مصرأسحر أهل الأرض وأكثرهم ساحراً ، وكانوا في ذلك الزمان اشد اعتناء بالسحر وأمهر ما كانوا وأكثر ) ثم أتى ( للميعاد الذي وقع القرار عليه بمن حشره من السحرة ةالجنود ومن تبعهم من الناس ، مع توفر الدواعي على الإتيان للعيد ، والنظر إلى تلك المغالبة التي لم يكن مثلها .
طه : ( 61 - 67 ) قال لهم موسى. .. . .
) قَالَ لَهُمْ مُّوسَى وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى فَتَنَازَعُواْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى قَالُواْ إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُواْ صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى قَالُواْ يمُوسَى إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُواْ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى ( ( )
ولما تشوف السامع إلى ما كان من موسى عليه السلام عند ذلك ، استأنف سبحانه الخبر عنه بقوله : ( قال لهم ) أي لأهل الكيد وهم السحرة وغيرهم ) موسى ( حين راى اجتماعهم ناصحاً لهم : ( ويلكم ( يا أيها الناس الذين خلقهم الله لعبادته ) لا تفتروا ) أي لا تتعمدوا أن تصنعوا استعلاء ) على الله كذباً ( بحعلكم آياته العظام الثابتة سحراً لا حقيقة له ، وادعائكم أن ما تخيلون به حق وليس بخيال ، وإشراككم به ؛ وسبب عنه قوله : ( فيسحتكم ) أي يهلككم ؛ قال الرازي .
وأصله الاستئصال ) بعذاب ) أي عظيم تظهر به خيبتكم ) وقد خاب ( كل ) من افترى ( اي تعمد كذباً على الله أو على غيره ) فتنازعوا ) أي تجاذب السحرة ) أمرهم بينهم ( لما سمعوا هذا الكلام ، علماً منهم بأنه لا يقدر أن يواجه فرعون بمثله في جميع جنوده وأتباعه لم يسلم منه غلا من اللله معه ) وأسروا النجوى ) أي كلامهم الذي تناجوا به وبالغوا في إخفائه ، فإن النجوى الإسرار ، لئلا يظهر فرعون وأتباعه على عوراهم في اختلافهم الذي اقتضاه لفظ التنازع ، فكأنه قيل : ما قالوا حين انتهى تنازعهم ؟ فقيل : ( قالوا ) أي السحرة بعد النظر وإجالة الرأي ما خيلهم به فرعون تلقناً منه وتقرباً إليه بما ينفر الناس عن موسى وهارون عليهما السلام ويثبطهم عن اتباعمها وإن غلبا ، أنه لا ينكر غلبة ساحر على ساحر آخر : ( إن هاذان ) أي موسى وهارون وقرىء : هاذان - بالألف ، على لغة من يجعل ألف المثنى