كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 28
لازمةفي كل حال ؛ قال أبو حيان : وهي لغة لطوائف من العرب لبني الحارث بن كعب وبعض كنانة خثعم وزبيد وبني العنبر وبني الهجيم ومراد وعذره .
) لساحران ( لاشك في ذلك منهما ) يريدان ) أي بما يقولان من دعوى الرسالة وغيرها ) أن يخرجاكم ( أيها الناس ) من أرضكم ( هذه التي ألفتموها ، وهي وطنكم خلفاً عن سلف ) بسحرهما ( الذي أظهراه لكم وغيره .
ولما كان كل حزب بما لديهم فرحون قالوا : ( ويذهبا بطريقتكم ( هذه السحرية التي تعبتم في تمهيدها ، وأفنى فيها أسلافكم أعمارهم ، حتى بلغ أمرها الغايةن وبدينكم الذي به قوامكم ) المثلى ) أي التي هي أمثل الطرق ، فيكونا آثر بما يظهرانه منها عند الناس منكم ، ويصرفان وجوه الناس إليها عنكمن ويبطل ما لكم بذلك من الارزاق والعظمة عند الخاص والعام وغير ذلك من الأغراض ) فاجمعوا كيدكم ) أي لا تدعوا منه شيئاً إلا جئتم به ولا تختلفوا تضعفوا ) ثم ائتوا ( غلى لقاء موسى وهاروون لمباراتهما ) صفاً ) أي متسابقين متساوين في السباق ليستعلي أمركم عليهما فتفلحوا ، والصطفاف أهيب في صدور الرائين .
ولما كان التقدير : فمن أتى كذلك فقد استعلى ، عطف عليه قولهم محققاً : ( وقد أفلح اليوم ( في هذا الجمع الذي ما اجتمع مثله قط ) من استعلى ( اي غلب ووجد علوه ، أي ففعلوا ما تقدم وأتوا صفاً ، فلما أوا وكانوا خبيرين بأن يقولوا ما ينفعهم في مناصبة موسى عليه السلام ، استؤنف الإخبار عنه بقوله تعلاى : ( قالوا ) أي السحرة منادين ، لأن لين القول مع الخصم إن لم ينفع لم يضر : ( ياموسى إما أن تلقي ( ما معك مما تناظرنا به أولاً ) وإما أن نكون ) أي نحن ) أول من ألقى ( ما معه ) قال ) أي موسى مقابلاً لأدبهم بأحسنن منه ولأنه فهم أن مرادهم الابتداء ، وليكون هو الآخر فيكون العاقبة بتسليط معجرته على سحرهم فلا يكون بعدها شك : لا ألقي أنا أولاً ) بل ألقوا ( أنتم أولاً ، فانتهزوا الفرصة ، لأن ذلك كان مرادهم بما أفهموه من تعبير السياق والتصريح بالأول ، فألقوا ) فإذا حبالهم وعصيهم ( التي ألقوها ) يخيل إليه ( وهو صفينا تخييلاً مبتدئاً ) من سحرهم ( الذي كانوا قد فاقوا به أهل الأرض ) أنها ( لشدة اضطربها ) تسعى ( سعياً ، وإذا كان هذا حاله مع أنه أثبت الناس بصراً وأنفذهم بصيرة فما ظنك بغيرة ) فأوجس ) أي اضمر بسبب ذلك ، وحقيقته : أوقع واجساً اي خاطراً وضميراً .
ولما كان المقام لإظهار الخوارق على يديه ، فكان ربما فهم أنه أوقعه في نفس أحد غيره ، كان المقام للاهتمام بتقديم المتعلق ، فقال لذلك لا لمراعاة الفواصل : ( في

الصفحة 28