كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 31
إفادة السجع كإفادة غيره .
ومتى انتظم المعنى بنفسه دون السجع كان مستجلباً لتحسين الكلام دون تصحيح المعنى ، ثم استدل على ذلك بأشياء نفيسة أطال فيها وأجاد - رحمه الله ، وقد تقدم في آخر سورة التوبة ما ينفع جداً في هذا المرام .
ولما كان موسى عليه السلام هو المقصود بالإرسال إلى فرعون ، استأنف تعالى الإخبار عن فرعون عندما فجءه ذلك فقال : ( قال ) أي فرعون للسحرة منكراً عليهم ، وأضمر اسمه هنا ولم يظهره كما في الأعراف لأن مقصود السورة ارفق بالمدعوين والحلم عنهم ، وهو غير متأهل لذكر اسمه في هذا المقام : ( ءامنتم ) أي بالله ) له ) أي مصدقين أو متبعين لموسى ) قبل أن ءاذن لكم ( في ذلك ، إبهاماً بأنه سيأذن فيه ليقف الناس عن المبادرة إلى الاتباع بين خوف العقوبة ورجاء الإذن ؛ ثم استأنف قوله معللاً مخيلاً لأتباعه صداً لهم عن الاقتداء بهم : ( إنه لكبيركم ) أي في العلم ) الذي علمكم السحر ( فلم تتبعوه لظهور الحق ، بل لإرادتكم شيئاً من المكر وافقتموه عليه قبل حضوركم في هذا الموطن ، وهذا على عادته في تخييل أتباعه فيما يوقفهم عن اتباع الحق .
ولما خيلهم ، شرع يزيدهم حيرة بتهديد السحرة فقال : ( فلأقطعن ) أي سبب ما فعلتم ) أيديكم ( على سبيل التوزيع ) وأرجلكم ) أي من كلَّ يداً ورجلاً ) من خلاف ( فإذا قطعت اليد اليمنى قطعت الرجل اليسرى ) ولأصلبنكم ( وعبر عن الاستعلاء بالظرف إشارة إلى تمكينهم من المصلوب فيه تمكين المظروف في ظرفه فقال : ( في جذوع النخل ( تبشيعاً لقتلكم ردعاً لأمثالكم ) ولتعلمن أينا ( أنا أورب موسى الذي قال : إنه أوحى إليه أن العذاب على من كذب وتولى ) أشد عذاباً وأبقى ) أي من جهة العذاب ، أي أينا عذابه اشد وأطول زماناً .
طه : ( 72 - 76 ) قالوا لن نؤثرك. .. . .
) قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَآءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَآ إِنَّآ آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَآ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَى وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذلِكَ جَزَآءُ مَن تَزَكَّى ( ( )
ولما علمو ما خيل به على عقول الضعفاء ، نبهوهم فأخبر تعالى عن ذلك بوله مستأنفاً : ( قالوا لن نؤثرك ) أي نقدم أثرك بالاتباع لك لنسلم من عذابك الزائل ) على ما جاءنا ( به موسى عليه السلام ) من البينات ( التي عايناها وعلمنا أنه لا يقدر أحد على مضاهاتها .
ولما بدؤوا بما يدل على الخالق من الفعل الخارق ، ترقوا إلى ذكره بعد