كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 33
ولما قدم أن مجرد الكفر يوجب العذاب .
كان هذا محلاَّ يتوقع فيه الإخبار عن الإيمان بمثل ذلك فقال : ( قد ( اي ضم إلى ذلك تصديقاً لإيمانه أنه ) عمل ) أي في الدنيا ) الصالحات ( التي أمر بها فكأن صادق الإيمان مستلزم لصالح الأعمال ) فأولئك ) أي العالو الرتبة ) لهم ) أي لتداعي ذواتهم بمقتضى الجبلة ) الدرجات العلى ( التي لا نسبة لدرجاتك التي وعدتنا بها منها ؛ ثم بينوها بقولهم : ( جنات عدن ) أي أعدت للإقامة وهيئت فيها أسبابها ) تجري من تحتها الأنهار ) أي من تحت غرفها وأسرتها وأرضها ؛ فلا يراد موضع منها لأن يجري فيه نهر إلا جرى ؛ ثم بين بقوله : ( خلدين فيها ( أن أهلها هيئوا أيضاً للإقامة .
ولما أرشد السياق والعطف على غير معطوفٍ عليه ظاهر إلى أن التقدير : ذلك الجزاء العظيم والنعيم المقيم جزاء الموصوفين ، لتزكيتهم أنفسهم ، عطف عليه قوله : ( وذلك جزاؤا ( كل ) من تزكى ) أي طهر نفسه بما ذكر من الإيمان والأعمال الصالحة ، وفي هذا تسلية للصحابة رضوان الله عليهم فيما كان يفعل بهم عند نزول هذه السورة إذ كانوا مستضعفين .
طه : ( 77 - 81 ) ولقد أوحينا إلى. .. . .
) وَلَقَدْ أَوْحَيْنَآ إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَى فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى يبَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى ( ( )
ولما بين سبحانه استكبار فرعون المدعى في قوله ) فكذب وأبى ( وختمه سبحانه بأنه يهلك العاصي كائناً من كان ، وينجي الطائع ، أتبع ذلك شاهداً محسوساً عليه كفيلاً ببيان أنه لم يغن عن فرعون شيء من قته ولا استكباره ، فقال عاطفاً على ( ولقد أريناه آيتنا ) : ( ولقد أوحينا ) أي بعظمتنا لتسهيل ما يأتي من الأمور الكبار ) إلى موسى ( غير مكترثين لشيء من أقوال فرعون ولا أفعاله ، وهذا الإيحاء بعد ما تقدم من أمر السحرة بمدة مديدة جرت فيها خطوب طوال كانت بسببها الأيات الكبار ، وكأنها جذفت لما تدل عليه من قساوة القلوب ، والمراد هنا الانتهاء لما تقدم من مقصود السورة ) أن أسر ) أي ليلاً ، لأن السري سير الليل ؛ وشرفهم بالإضافة إليه فقال : ( بعبادي ) أي بني إسرائيل الذين لفت قلب فرعون حتى أذن في مسيرهم بعد أن كانا قد أبى أن يطلقهم أو يكف عنهم العذاب ، فاقصد بهم ناحية بحر القلزم ) فاضرب لهم ) أي اعمل بضرب البحر بعصاك ، ولذلك سماه ضرباً .