كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 40
ولما كان خروج التمثا لعقب إلقاءه ، حعل كأنه المتسبب في ذلكن فقيل مع العدول عن أسلوب التكلم استجاناً لنسبة أمر العجل إلى المتكلم : ( فأخرج لهم ) أي لمن شربه وعبده ، وجعل الضمير للغيبة يؤيد قول من جعل هذا كلام من لا يعبد العجل ، والمعنى عند من جعله من كلام العابدين أنهم دلوا بذلك على البراءة منه والاستقذار له .
ولما كان شديد الشبه للعجول ، قيل : ( عجلاً ( وقدم قوله : ( جسداً ( لنعرف أن عجليته صورة لا معنى - على قوله : ( له خوار ( لئلا يسبق إلى وهم أنه حي ، فتمر عليه لمحة على اعتقاد الباطل ) فقالوا ) أي فتسبب عن ذلك أن السامري قال فتابعه عليه من أسرع في الفتنة أول ما رآه : ( هذا ( مشرين إلى العجل الذي هو على صورة ما هو مثل في الغباوة ) إلهكم وإله موسى فنسى ( اي فتسبب عن أنه إلهكم أن موسى نسي - بعدوله عن هذا المكان - موضعه فذهب يطلبه في مكان غيره ، أو نسي أن يذكره لكم .
ولما كان هذا سبباً للإنكار على من قال هذا قال : ( أفلا يرون ) أي اقالوا ذلك ؟ فتسبب قولهم عن عماهم عن رؤية ) أن ) أي أنه ) لا يرجع إليهم قولاً ( والإله لا يكون أبكم ) ولا يملك لكم ضراً ( فيخافوه كما يخافون فرعون فيقولوا ذلك خوفاً من ضره ) ولا نفعاً ( فيقولوا ذلك رجاء له .
ولما كان الذنب مع العلم أبشع ، والضلال بعد البيان أشنع ، قال عاطفاً على قوله ) قال ياقوم ألم يعدكم ( أو على قوله ( قالوا ما أخلفنا ) : ( ولقد قال هارون ) أي مع أن من لم يعبده لم يملكوا رد من عبده .
ولما كان قولهم في بعض ذلك الزمان ، قال : ( من قبل ) أي من قبل رجوع موسى ، مستعطفاً لهم : ( ياقوم ( ثم حصر أمرهم ليجتمع فرهم ونظرهم فقال : ( إنما فتنتم ) أي وقع اختباركم فاختبرتم في صحة إيمانكم وصدقكم فيه وثباتكم عليه ) به ) أي بهذا التمثال في إخراجه لكم على هذه الهيئة الخارقة للعادة .
وأكد لأجل إنكارهم فقال : ( وإن ربكم ) أي الذي أخرجكم من العدم ورباكم بالإحسان ) الرحمن ( وحده الذي فضله عام ونعمة شاملة ، فليس على البر ولا فاجر النعمة غلا وهي منه قبل أن يوججد العجل ، وهو كذلك بعده .
ومن رحمته قبول التوبة ، فخافوا نزع نعمه بمصيته ، وارجوا إسباغها بطاعته ) فاتبعوني ( بغية جهدكم في الرجوع إليه ) وأطيعوا أمري ( في دوام الشرف بالخضوع لديه ، ودوام الإقبال عليه ، بدفع عنكم ضيره ، ويفض عليكم خيره .
ولما كان هذا موضع أن يسأل من جوابهم لهذا الأمر الواضح الذي لا غبار عليه ، قيل : ( قالوا ( بفظاظة وجمود : ( لن نبرح عليه ) أي على هذا العجل ) عاكفين ( أي