كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 41
مقيمين مستديرين مجتمعين وإن حاربنا في ذلك ) حتى يرجع إلينا موسى ( فدافعهم ، فهمّموا به ، وكان معظمهم قد ضل ، فلم يكن معه من يقوى بهم ، فخاف أن يجاهد بهم الكافرين فلا يفيد ذلك شيءاً ، ويقتل بعضهم فيحمى له آخرون من ذوي رحمة الأقربين ، فيصير بين بني إسرائيل فرقة يبعد ضم شتاتها وتلافي دهمائها ، وكانوا قد غيوا الرجوع برجوع موسى عليه السلام مع أنه لم يأمره بجهاد من ضل ، إنما قال له ) ) وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ( ) [ الأعراف : 142 ] فرأى من الإصلاح اعتزلهم إلى أن يأتي ، فلما ذكر ما قال هارون عليه السلام ، التفتت النفس إلى علم ما قال له موسى عليه السلام لأنه خليفته عليهم ، مع كونه راساً في نفسه ، فدفع هذا العناء بقوله ، مسقطاً أخذه برأس أخيه لما تقدم من ذكره ويأتي هنا من الدلالة عليه ، ولم تدع إليه ضرورة في هذه السورة التي من أعظم مقاصدها الدلالة على تليين القلوب : ( قال ) أي موسى : ( ياهرون ( أنت نبي الله وأخي ووزيري وخليفتي فأنت أولى الناس بأن ألومه ، وأحقهم بأن أعاتبه ) ما منعك إذ ) أي حين ) رايتهم ضلوا ( عن طريق الهدى ، واتبعوا سبيل الردى ، من اتباعي في سيرتي فيهم من الخذ على يد الظالم طوعاً أو كرهاً ، اتباعاً لا زيغ فيه عما نهجته لك بجه من الوجوه شيئاً من زيغ ، وعبر عن هذا التأكيد بزيادة ( لا ) في قوله : ( ألاَّ تتبعن ( كما تقدم غير مرة أن النافي إذا زيد في الكلام كان نافياً لضد مضمونه فيفيد إثباتاً للمضون ونفياً لضده ، فيكون ذلك في غاية التأكيد ) افعصيت ) أي أتكبت عن اتباعي فتسبب عن ذلك أنك عصيت ) أمري ( وأخذ بلحيته وبرأسه يجره اليه غضباً لله تعالى ، فكأنه قيل : ما قال له ؟ فقيل : ( قال ( مجيباً له مستعطفاً بذكر أول وطن ضمهما بعد نفخ الروح مع ما له ن الرقة والشفقة : ( يا بنؤم ( فذكره بها خاصة وإن كان شقيقه لأنه يسوءها ما يسوءه ، وهي أرق من الأب ) تأخذ بلحيتي ولا برأسي ) أي بشعره ؛ ثم علل ذلك بقوله : ( إني خشيت ان تقول ( إن اشتددت عليهم حتى يصل الأمر إلى القتال ) فرقت بين بين إسرائيل ( بفعلك هذا الذي لم يُجِْد شيئاً لقلة من كان معك وضعفكم عن ردهم ) ولم ترقب قولي ( ) اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ( ولم تقل وارددهم ولو أدى الأمر إلى السيف ، وهذا كما كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ماموراً بالصفح والحلم والمدافعة باللين عند ضعف الناصر وقلة المعين .
طه : ( 95 - 97 ) قال فما خطبك. .. . .
) قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يسَامِرِيُّ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً ( ( )

الصفحة 41