كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 43
تخفيف التضعيف ) عليه عاكفاً ) أي مقبلاً مقارباً مواظباً جهاراً ) لنحرقنه ) أي بالنار وبالمبرد - كما سلف عن نص التوراة ، وكان معنى ذلك أنه أحماه حتى لان فهان على المبارد ) ثم لننسفنه ) أي نذرينه إذا صار سحالة ) في اليم ( اي البحر الذي أغرق الله فيه آل فرعون وهو لأن يقصد فيجمع الله سحالته التي هي من حيلهم وأموالهم فيحميها في نار جهنم ويكويها ويجعلها من أشد العذاب عليهم ، وأكد الفعل إظهاراً لعظمة الله الذي أمره بذلك ، وتحقيقاً للصدق في الوعد فقال : ( نسفاً ( .
طه : ( 98 - 103 ) إنما إلهكم الله. .. . .
) إِنَّمَآ إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً خَالِدِينَ فِيهِ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً ( ( )
ولما أراهم بطلان ما هم عليه بالعيان ، أخبرهم بالحق على وجه الحصر فقال : ( إنما إلهكم ( جميعاً ) الله ( اي الجامع لصفات الكمال ؛ ثم كشف المراد من ذلك وحققه بقوله : ( الذي لا إله إلا هو ) أي لا يصلح لهذا المنصب أحد غيره لأنه ) وسع كل شيئاً علماً ( تمييز محول عن الفاعل ، أي أحاط علمه بكل شيء ، فكان على كل شيء ممكن قدياًن فكان كل شيء إليه فقيراً ، وهو غني عن كل شيء ، وجوده يباين وجود غيره ، وذاته تباين ذات غيره ، وصفاته تباين صفات غيره ، وأما العجل الذي عبدوه فلو كان حياً كان مثلاً في الغباوة ، فلا يصلح للإلهية بوجه ولا في عبادته شيء من حق ، وكان القياس على ما يتبادر إلى الذهن حيث نفى عنه العم بقوله ) ألا يرجع إليهم قولاً ( والقدرة بقوله ) ولا يملك لكم ضراً ولا نفعاً ( أن يثبتا هنا للاله الحق ، ولكنه اعتنى بإثبات العلم الواسع لاستلزامه للقدرة على كل ما يمكن أن يتعلق به ، بإفادة الأسباب لشيء المراد ، ومنع الموانع عنه فيكون لا محالة ، ولو لم يكن كذلك لكان التخلف للجهل إما بما يفيد مقتضياً أو يمنع مانعاً ، وأدل دليل على ذلك قوله تعالى ) ) ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ( ) [ الأعراف : 188 ] ولا يستلزم إثبات القدرة المحيطة العم الشامل لخروج قسم المحال الذي ليس من شأن القدرة أن تتعلق به .
ولما تمت هذه القصة على هذا الأسلوب الأعظم ، والسبيل الأقوم ، متكلفة بالدلالة على القدرة على ما وقعت إليه الإشارة من البشارة أول السورة بتكثير هذه الأمة ورد العرب عن غيهم بعد طول التمادي في العناد ، والتنكيب عن سيبل الرشاد ، إلى ما