كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 44
تخللها من التسلية بأحوال السلف الصالح والتأسية ، مفصلة من أدلة التوحيد والبعث ، وغير ذلك من الحكم ، بما يبعث الهمم ، على معالي الشيم ، كان كلأنه قيل : هل يعاد شيء من القصص على هذا الأسلوب البديع والمثال الرفيع ؟ فقيل : نعم ) كذلك ) أي مثل هذا القص العالي ، في هذا لانظم العزيز الغالي ، لقصة موسى ومن ذكر معه ) نقص عليك ) أي بما لنا من العظمة التي لا يعجزها شيء ؛ وأشار إلى جلالة علمه بقولله : ( من أنباء ) أي أخبار ) ما قد سبق ( من الأزمان والكوائن الجليلة ، زيادة في علمك ، وإجلالاً لمقدارك ، وتسلية لقلبك ، وإذهاباً لحزنك ، بما اتفق للرسل من قبلك وتكثيراً لأتباعك وزيادة في معجزاتك ، وليعتبر السامع ويزداد المستبصر في دينه بصيرة وتأكد الحجة على من عابه : ( وقد ءاتينك ( من عظمتنا تشريفاً لك وتعظيماً لقدرك ) من لدنا ) أي من عندنا من الأمر الشريف بمزيد خصوصيتته بنا ولطيف اتصاله بحضرتنا من غيب غيباً ) ذكراً ( عظيماً جليلاً جامعاً لما أظهرناه من أمرنا في التوراة ، وما ابطنّاه من سرنا في الإنجيل ، وما أودعناه من سكينتنا في الزبور ، مع ما خصصناه به من لطائف المزايا ، وعظائم الأسرار ، يعرف بمجرد تلاوته أنه من عندنا لما يُشهد له من الروح ، ويُذاق له من الإخبات والسكون ، ويرى له من الجلالة في الصدور مع القطع بأن أحداً لا يقدر أن يعارضه ، وضمناه تلك القصص مع ما دنا فيه على ذلك من المواعظ والأحكام ودقائق اشارات الحقائق ، متكفلاً بسعادة الدارين وحسنى الحسنيين ، فمن أقبل عليه كان مذكراً له بكل ما يريد من العلوم النافعة .
ولما اشتمل هذا الذكر على جميع أبواب الخير ، فكان كل مل ليس له فيه أصل شقاور محضة وضلالاً بعيداً ، قال يقص عليه من أنباء ما يأتي كما قص من أأنباء ما قد سبق : ( من أعرض عنه ) أي عن ذلك الذكر ، وهو عام في جميع من يمكن دخوله في معنى ( من ) من العالمين ) فإنه يحمل ( ولما كان المراد استغراق الوقت قال : ( يوم القيامة وزراً ) أي حملاً ثقيلاً من العذاب الذي سببه الوزر وهو الذنب ، جزاء لإعراضه عنه واشتغلاه بغيره ) خلدين فيه ( وجمه هنا حملاً على المعنى بعد الإفراد للفظ ، تنبيهاً على العموم لئلا يغفل عنه بطول الفصل ، أو يظن أن الجماعة يمكنهم المدافعة ، ويمكن أن يراد بالوزر الحمل الثقيل نت الأثم ، ويمون الضمير في ( فيه ) للعذاب المسبب عنه فيكون استخداماً كقوله :
إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا
ولما كانوا منكرين ليوم القيامة ، صرح بذكره ثانياً مع قرب العهد ، قارعاً لأسماعهم به ، مجرياً له إجراء ما هو بعه دير من أنه متحقق لا مرية فيه فقال : ( وساء (

الصفحة 44