كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 45
أي وبئس ؛ وبين أصحاب السوء فقال : ( لهم ) أي ذلك الحمل ) يوم القيامة حملاً ( ثم شرح لهم بعض أحوال ذلك اليوم من بتدائه ، فقال مبدلاً من ( يوم القيامة ) : ( يوم ينفخ ) أي بعظمتنا - على قراءة أبي عمرو بالنون مبنياً لفاعل ، ودل على تناهي العظمة بطريقة كلام القادرين في قراءة الباقين بالياء مبيناً للمفعول ) في الصور ( فيقوم الموتى من القبور ) ونحشر ) أي بعظمتنا ) المجرمين ( منهم الذين قطعوا ماأمر الله به أن يوصل ، وعدل عن أن يقول : ونحشرهم - لبيان الوصف الذي جره لهم : الإعراض عن الذكر ) يؤمئذ ) أي يوم القيامة ، ويكون لهم ما تقدم ) زرقاً ) أي زرق العيون والجسوم على هيئة من ضرب فتغير جسمه ، حال كونهم ) يتخافتون ( .
ولما كان التخافت - وهو المسارّة بالكلام - قد يكون بين اثنين من قبيلتين ، فيكون كل منهما خائفاً من قومه أقل عاراً مما لو كانا من قبيلة واحدة ، لأنه يدل على أن ذلك الخوف طبع لازم ، قال دالاً على لومه وعمومه : ( بينهم ) أي يتكلمون خافضي أصواتهم من الهيبة والجزع .
ولما كانت الزرقة أبغض ألوان العيون ألى العرب لعدم إلفهم لها ، والمخافتة أبغض الأصوات إليهم لأنها تدل عندهم على سفول الهمة والجبن وكانوا من الزرقة أشد نفرة لأن المخافتة قد يتعلق بها غرض .
رتبهما سبحانه كذلك ، ثم بين ما يتخافتون به فقال : ( إن ) أي يقول بعضهم لبعض : ما ) لبثتم ) أي في الدنيا استقصاراً لمدة إقامتهم في غيب ما بدا لهم من المخاوف ، أو غلظاً ودهشة ) إلا عشراً ) أي عقداً واحداص ، لم يزد على الآحاد إلا بواحدة ، وهو ل أنه سنون سن من يبلغ الحلم ، فكيف إذا كان شهوراً أو أياماً فلم يعرفوا لذة العيش بأيّ تقدير كان .
طه : ( 104 - 108 ) نحن أعلم بما. .. . .
) نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً لاَّ تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً ( ( )
ولما كان علم ما يأتي أخفى من علم ما سبق ، أتى فيه بمظهر العظمة فقال : ( نحن أعلم ( من كل أحد ) بما يقولون ) أي في ذلك اليوم ) إذ يقول أمثلهم طريقة ( في الدنيا فيما يحسبون ، أي اقربهم إلى أن تكون طريقته مثل ما يطلب منه : ( إن ) أي ما ) لبثتم ( ودل على أن المعدود المحذوف من الأول الأيام بقوله : ( غلا يوماً ) أي مبدأ الآحاد ، لا مبدأ العقود كما قال في الاية الأخرى ) ) قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم ( ) [ المؤمنون : 113 ] ) ) يقسم المجرومون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون ( (

الصفحة 45