كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 47
فيمتلئ عالم الهواء ماء ، تنتثر الكواكب وتتغير السماء والأرض ، ويموت العالمون فتخلو الأرض والسماء ؛ قال : ثم يكشف سبحانه عنن بيت في سقر فيخرج لهيب النار فيشتعل في البحور فتنشف ، ويدع الأرض جمرة سوداء ، والسموات كأنها عكر الزيت والنحاس المذاب ، ثم يفتح تعالى خزانة من خزائن العرش فيها بحر الحياة ، فيمطر به الأرض ، وهو كمنيّ الرجال فتنبت الأجسام على هيئتها ، الصبى صبي ، والشيخ شيخ ، وما بينهما ، ثم تهب من تحت العرش نار لطيفة فتبر الأرض ليس فيها جبل ولا عوج ولا أمت ، ثم يحيى الله إسرافيل فينفخ في الصور من صخرة القدس ، فتخرج الأرواح من ثقب في الصور بعددها كل روح إلى جسدها حتى الوحش والطير فإذا هم بالساهرة .
ولما أخبر سبحانه بنزول ما يكون منه العوج في الصوت قال : ( يومئذ ) أي إذ ينفخ في الصور فتنسف الجبال ) يتبعون ( اي أهل المحشر بغاية جهدهم ) الداعي ( اي بالنفخ منتصبين ليه على الاستقامة ) لا عوج له ) أي الداعي في شيء من قصدهم إليه ، لأنه ليس في الأرض ما يحوجهم إلى التعريج ولا يمنع الصوت من النفوذ على السواء ؛ وقال أبو حيان : أي لا عوج لدعائه ، بل يسمع جميعهم فلا يميل إلى ناس دون ناس .
ولما اخبر بخشوعهم في الحديث والانقياد للدعوة ، أخبر بخشوع غير ذلك من الأصوات التي جرت العادة بكونها عن الاجتماع فقال : ( وخشعت الأصوات ) أي ارتخت وخفيت وخفضت وتطامنت لخشوع أهلها ) للرحمن ) أي الذي عمت نعمه ، فيرجى كرمه ، ويخشى نقمه ) فلا ) أي فيتسبب عن رخوتها أنك ) تسمع إلا همساً ( أخفى مايكون من الأصوات ، وقيلك أخفى شيء من أصوات الأقدام .
طه : ( 109 - 112 ) يومئذ لا تنفع. .. . .
) يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً ( ( )
ولما تقرر ما للأصوات من الانخفات ، وكان قد أشير فيما مضى إلى وقوع الشفاعة من بعض أخصائه بإذنه ، وكان الحشر للحساب بمعرض التقريب لبعض والتبعيد لبعض ، وكانت العادة جارية بأن المقرب يشفع للمعبد ، لما بين أهل الجمع من الوصل والأسباب المقتضية لذلك ، وكان الكفار يزعمون أن آلهتهم تشفع لهم قال نافياً لأنن تقع شفاعة بغير إذنه ، معظماً ذلك اليوم بالإنذار منه مرة بعد مرة : ( يومئذ ) أي إذ كان ما تقدم ) لا تنفع الشفاعة ) أي لا تكون شفاعة ليكون لها نفع ، لأنه قد ثبت بما مضى أنه لا صوتن وتقرر في تحقيق المحصورات من علم الميزان أن السالبة الحقيقية لا

الصفحة 47