كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 5
إرسالهم إليه بهدايا ليردهم إليه ، وأن بطارقته كلموه في ذلك ، وأنه أبى حتى يسمع كلامهم ، وأمه طلبهم فأجمع أمرهم على أن يقولوا الحق كائناً فيه ما كان ، فدخلوا وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله فقال لهم : ما هذا الدين الذي فارقتم به قومكم ولم تدخلوا به في دين أحد من هذه الملل .
قالت : فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله غلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم و حسن الجوار ، الكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم .
وقذف المحصنة ، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام .
قالت : فعدد عليه أمور الإسلام .
فصدقناه وآمنا به ، فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان .
فلما قهرونا وظلمونا خرجنا إلى بالدك ، واخترناك على من سواك ، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك فقال له النجاشي : هل معك مما جاء به عن الله شيء ؟ فقال له جعفر : نعم فقال له النجاشي : فاقرأه عليّ فقرأ عليه صدراً من كهيعص ، فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته وبكى أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم ؛ ثم قال النجاشي : إن هذا ةالذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة ، ثم ذكر تأمينه لهم ورد هدايا قريش ورسلهم خائبين .
وقال ابن هشام : وقال ابن اسحاق : فحدثني عبد الرحمن بن الحارث بن عبدالله بن عياش بن أبي ربيعة عن عبد العزيز بن عبدالله بن عامر بن ربيعة عن أمه أم عبدالله بنت أبي حثمة رضي الله عنها قالت : والله إنا لنترحل إلى ارض الحبشة وقد ذهب عامر رضي الله عنه في بعض حاجاتنا غذ أقبل عمر بن الخطاب حتى وقف عليّ وهو على شركه ، وكنا نلقى منه البلاء أذى لنا وشدة علينا ، فقال : إنه الانطلاق يا أم عبد الله ؟ قلت : نعم والله لنخرجن في أرض الله ، آذيتمونا وقهرتمونا حتى يجعل الله لنا مخرجاً ، فقال : صحبكم الله ، ورأيت له رقة لم أكن أراها ، ثم انصرف وقد أحزنه فيما أرى خروجنا ، فجاء عامر رضي الله عنه بحاجته تلك فقلت له : يا أبا عبد الله لو رأيت عمر آنفاً ورقته وحزنه علينا قال : أطمعت في إسالمه ؟ قلت : نعم قال : لايسيلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب .
يأساً منه .
لما كان يرى من غلظته وقسوته عن الإسلام ، قال ابن إسحاق : وكان إسلام عمر فيما بلغني أن أخته فاطمة بنت الخطاب ، وكانت عند سعيد

الصفحة 5