كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 56
طه : ( 128 - 135 ) أفلم يهد لهم. .. . .
) أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي النُّهَى وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ الْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُواْ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى ( ( )
ولما كان ما مضى من هذه السورة وما قبلها من ذكر مصارع الأقدمين ، وأحاديث المكذبين ، بسبب العصيان على الرسل ، سبباً عظيماً للاستبصار والبيان ، كانوا أهلاً لأن ينكر عليهم لزومهم لعماهم فقال تعالى : ( أفلم يهد ) أي يبين ) لهم كم أهكنا قبلهم ( اي كثرة إهلاكنا لمن تقدمهم ) من القرون ( بتكذيبهم لرسلنا ، حال كونهم ) يمشون في مساكنهم ( ويعرفون خبرهم بالتورات خلفاً عن سلف أنا ننصر أولياءنا ونهلك أعدائنا ونفعل ما شئنا والأحسن أن لا يقدر مفعول ، ويكون المعنى : أو لم يقع لهم البيان الهادي ، ويكون ما بعده استئنافاً عيناً كما وقع البيان بقوله استئنافاً : ( إن في ذلك ) أي الإهلاك العظيم الشأن المتوالي في كل أمة ) لآيات ( عظيمات البيان ) لأولي النهي ) أي العقول التي من شا ، ها النهي عما لا ينفع فضلاً عنا يضر ، فإنها تدل بتواليها على عموم القدرة ، وعلى أنه تعالى لا يقر على الفساد وإن أمهل - إلى غير ذلك من له وازع من عقله .
ولما هددهم بإهلاك الماضيين ، ذكر سبب التأخير عنهم ، عاطفاً على ما أرشد إلى تقديره السياق ، وهو مثل أن يقال : فلو أراد سبحانه لعجل عذابهم : ( ولا كلمة ( اي عظيمة ماضية نافذة ) سبقت ) أي في الأزل ) من ربك ( الذي عودك بالإحسان بأنه يعامل بالحلم والأناة ، وأنه لا يستأصل مكذبيك ، بل يمد لهم ، ليرد من شاء منهم ويخرج من أصلاب بعضهم من يعبده ، وإنما ذلك إكراماً لك رحمة لأمتك لأنا كما قلنا أول السورة ) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ( بإهلاكهم وإن كانوا قوماً لداً ، ولا بغير ذلك ، زما أنزلناه غلا لتكثر أتباعك ، فيعملوا الخيرات ، فيكون ذلك زيادة في شرفك ، وإلى ذلك الإشارة بقوله ( صلى الله عليه وسلم ) ( وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً ) ) لكان ( اي العذاب ) لزاماً ) أي لازماً أعظم لزوم لكل من أذنب عند

الصفحة 56