كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 59
يأمر بالمعروف ومن يتركه فقال ) وأمر أهلك بالصلاة ( كما كان أبوك إسماعيل عليه السلام ، ليقودهم إلى كل خير
77 ( ) إِنّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ والْمُنْكَر ( ) 7
[ العنكبوت : 45 ] ولم يذكر الزكاة لدخولها في التزهيد بالآية التي قبلها .
ولما كانت شديدة على النفس عظيمة النفع ، قال ) واصطبر ( بصيغة الافتعال ) عليها ) أي على فعلها ، مفرغاً نفسك لها وإن شغلتك عن بعض أمر المعاش ، لأنا ) لا نسألك رزقاً ) أي نكلفك طلبه لنفسك ولا لغيرك ، فإن ما لنا من العظمة يأبى أن نكلفك أمراً ، ولا نكفيك ما يشغلك عنه .
ولما كانت النفس بكليتها مصروفة إلى أمر المعاش ، كانت كأنها تقول : فمن أين يحصل الرزق ؟ فقال : ( نحن ( بنون العظمة ) نرزقك ( لك ولهم ما قدرناه لكم من أيّ جهة شئناً من ملكنا الواسع وإن كان يظن أنها بعيدة ، ولا ينفع في الرزق حول محتال ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، ولا تدأبوا في تحصيله والسعي فيه ، فإن كلاًّ من الجاد فيه والمتهاون به لا يناله أكثر مما قسمناه له في الأزل ولا أقل ، فالمتقي لله المقبل على ذكره واثق بوعده انع راض فهو في أوسع سعة ، والمعرض متوكل على سعيه فهو في كد وشقاء وجهد وعناء أبداً ) والعاقبة ) أي الكاملة ، وهي التي لا عاقبة في الحقيقة غيرها ، وهي الحالة الجميلة المحمودةة التي تعقب الأمور ، أي تكون بعدها ) للتقوى ) أي لأهلها ، ولا معولة على الرزق وغيره توازي الصلاة ، فقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة - أخرجه أحمد عن حذيفة وعلقه البغوي في آخر سورة الحجر ، وقال الطبراني في معجمه الأوسط : ثنا أحمد - هو ابن يحيى الحلواني - ثنا سعيد - هو ابن سليمان - عن عبدالله بن المبارك عن معمر عن محمد بن حمزة عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إذا نزل بأهله الضيق أمرهم بالصلاة ، ثم قرأ ) وأمر أهلك بالصلاة ( الآية .
لا يروى هذا الحديث عن عبدالله بن سلام إلا بهذا الإسناد ، تفرد به معمر ، وقال الحافظ عماد الدين إسماعيل بن كثير في تفسيره : وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي عبد الله بن أبي زياد القطران ناسيارنا جعفر عن ثابت قال : كان الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) إذا أصابته خصاصة نادى أهله : ( يأهلاه صلوا صلوا ، )