كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 598
عامة وأنه لن يوصل إليك حتى تفنى أرواحنا ، فأخرج هذه الحلقة ففرقها بين قومك ، فإن تظفر فسترد عليك ، وإن تهلك فأهون مفقود ، فأمر بها فأخرجت ففرقها بينهم ، ثم قال حنظلة للنعمان : لولا أنكرسول لما أبت إلى أهلك سالماً ، فرجع النعمان إلى أصحابه ، فأخبرهم فباتوا ليلتهم يستعدون للقتال ، وبات بكر بن وائل يستعدون للحرب ، فلما أصبحوا أقبلت الأعاجم نحوهم وأمر حنظلة بالظعن جميعاً فوقفها خلف الناس ثم قال : يا معشر بني بكر بن وائل قاتلوا عن ظعتنكم أو دعوا ، واقبلت الأعاجم يسيرون إلى تعبئة ، وكان ربيعة بن غزالة السكوتي ثم التجيني يومئذ هو وقومه نزولاً في بني شيبان فقال : يا بني شيبان أما إني لو كنت منكم لأشرت عليكم برأي مثل عروة العلم قالوا : وأنت والله من أوسطنا ، أشر علينا ، قال : لا تستهدفوا هذه الأعاجم فتهلككم بنشابها ، ولكن تكردسوا لهم كراديس فيشد عليهم كردوس ، فإذا أقبلوا عليه شد الآخر ، قالوا : فإنك قد رايت رأياً ، ففعلوا ، فلما التقى الزحفان وتقارب القوم قام حنظلة لن ثعلبة فقال : يا معشر بكر بن وائل إن النشاب الذي مع الأعاجم يعرفكم ، فإذا ارسلوه لم يُخْطِكُكْ ، فعاجلوهم اللقاء وابدأوهم ، ثم قام هانىء بن مسعود فقال : يا قوم مهلك معذور خير من منجى مفرور ، إن الحذر لا يدفع القدر ، وإن الصبر من أسباب الظفر ، المنية ولا الدنية ، واستقبال الموت خير من استدباره ، ياقوم : جدوا ، فما من القوم بد فتح لو كان رجال أجد ، أسمع صوتاً ولا أرى فوتاً ، يا لبكر شدوا واستعدوا ، فإن لا تشدوا تردوا ، ثم قام شريك بن عمرو بن شراحيل فقال : ياقوم إنما تهابونهم أنكم ترونهم عند الحفاظ أكثر منكم ، وكذلك أنتم في عيونهم فعليكم بالصبر ، فإن الأسنة تردي الأعنة ، يا لبكر قدماً قدماً ، ثم قام عمرو بن جبلة اليشكري فقال :
يا قوم لا تغرركم هذي الخرق ولا وميض البيض في شمس برق من لم يقاتل منكم هذي العنق فجنبوه اللحم واسقوه المرق
ثم قام حنظلة بن ثعلبة إلى ( وضين ) امرأته فقطعه ثم تتبع الظعن بقيع وضنه ، لئلا يفر عنهن الرجال ، والوضين : بطان الناقة فسمي يومئذ : مقطع الوضن .
وقال ابن مسكوية : إنه لما قطع الوضن وقع النساء إلى الأرض وإن بنت القرين الشيبانية نادت :
ويها بني شيبان صفاً بعد صف إن تهزموا يصبّغوا فينا القلف

الصفحة 598