كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 60
قال ثابت : وكان الأنباء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة ، وقد روى الترميذي وابن ماجه كلاهما في الزهد - وقال الترميذي : حسن غريب - من حديث عمران بن زائدة عن أبيه عن أبي خالد الوالبي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( يقول الله تعالى : تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك ، وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلاً ولم أسد فقرك .
( وروى ابن ماجة من حديث الضحاك عن الأسود عن ابن مسعود رضي الله عنه : سمعت نبيكم ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : ( من جعل الهموم هماً واحداً هم المعاد ، كفاه الله هم دنياه ، ومن تشعبت به الهموم أحوال الدنيا لم يبال الله في أيّ أوديتهاهلك .
( وروى أيضاً من حديث عمر بن سليمان عن عبد الرحمن بن أبان عن أبيه عن زيد بن ثابت رضي اله عنه : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : ( من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله أمر ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة .
( ولما قدم في هذه السورة ما ذكر من قصص الأولين وأخبار الماضين ، مبكتاً بذلك من أمر قريش بالتعنت من اليهود ، فلم يقدروا على إنكار شيء منه ولا توجيه طعن إليه ، وخلله ببدائع الحكم ، وغرائب المواعظ في ارشق الكلم ، وختم ذلك بأعظم داع إلى التقوى ، عجب منهم في كونهم لا يذعنون للحق أنفة من المجاهرة بالباطل ، أو خوفاً من سوء العواقب ، فقال : ( وقالوا ( ولعله عطف على ما يقدر في حيز قوله ) أفلم يهد لهم إلى قوله : إن في ذلك لآيات ( من أن يقال : وقد أبوا ذلك ولم يعدوا شيئاً منه ىية : ( لولا ) أي هلا ولم لا ) يأتينا ) أي محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) بآية ) أي مثل الأولين ) من به ( المحسن إليه ، دالة على صدقه .
ولما تضمن هذا أنهم لم يعدوا شيئاً من هذه البينات - التي أدلى بها على من تقدمه - آية مكابرة ، استحقوا الإنكار ، فقال : ( أولم ) أي ألم يأتهم من الآيات في هذا القرآن مما خصصتك به من الأحكام والحكم في أبلغ المعاني بأرشق النظوم ما أعجز بلغاءهم ، وأبكم فصحاءهم ، فدل قطعاً على أنه كلامي ، أو لم ) تأتهم بينة ما ) أي الأخبار التي ) في الصحف الأولى ( من صحف إبراهيم وموسى وعيسى وداود عليهم السلام في التوارة والإنجيل والزبور وغير ذلك من الكتب الإلهية كقصتي آدم وموسى المذكورتين