كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 610
المنافع ما يجل عن إحاطتكم به مع أنها بالنسبة إلى السماء كحلقة ملقاة في فلاة ، ولولا ذلك لظهر لكم ذلك برؤية ما وراءها هو شأن كل مظل مع كل مقل كما تشاهدون السحاب ونحوه .
ولما خص الإمساء والإصباح ، عمّ فقال معبراً بما يدل على الدوام ، لأن وقت النوم الدال على النقص أولى بإثبات الكمال فيه : ( وعشياً ( اي من الزوال إلى الصباح ) وحين تظهرون ) أي تدخلون في شدة الحر ، وسبحانه الله في ذلك كله ، فالآية من الاحتباك : ذكر التسبيح أولاً دليلاً على إرادته ثانياً ، والحمد ثانياً دليلاً على إرادته أولاً ، ولعل المراد بالإظهار هنا ما هو أعم من وقت الظهر ليكون المراد به من حين يزول ااسم الصباح من وقت ارتفاع الشمس غلى أن يحدث اسم المساء ، وهو من الظهر إلى الغروب - قاله ابن طريف في كتابه الأفعال ونقله عن الإمام عبد الحق في كتابه الواعي ، وذلك حين استبداد النهار فيكون كماله فيما دون ذلك من باب الأولى ، وهذا مع هذه الدقائق إشارة إلى الصلوات الخمس ، أي سبحوه بالخضوع له بالصلاة في وقت المساء بصلاة العصر والمغرب ، وفي وقت الصباح بالصبح ، وفي العشى بالعشاء ، وفي الإظهار بالظهر ، وفي هذا التخريج من الحسن بيان الاهتمام بالصلاة الوسطى ، فابتدأ سبحانه بالعصر التي قولها أصح الأقوال ، ودخول المغرب في حيزها بطريق التبعية والقصد الثاني ، وثنى بالصبح وهي تلبها في الأصحيّة وهما القريبتان ، لقوله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( من صلى البردين دخل الجنة ) - رواه الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه ، ( من صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وجبت له الجنة ) - أسنده صاحب الفردوس عن عمارة بن روبية رضي الله عنه ورواه مسلم وغيره عنه بلفظ : ( لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) - يعني الفجر والعصر ( كنا عند النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال : ( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ، لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا لا تفوتنكم ( ، ثم قرأ ) فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ( رواه البخاري عن جرير بن

الصفحة 610