كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 68
القدح طلب آية فقالوا : ( فليأتنا ) أي دلايلاً على رسالته ) بآية ) أي لأنا قد بينا بطعننا أ ، القرآن ليس بآية ؛ ثم خيلوا النصفة بقولهم : ( كما ) أي مثل ما ، وبنوا الفعل للمفعول إشارة إلى أنه متى صحت الرسالة كان ذلك بزعمهم من غير تخلف لشيء أصلاً فقالوا : ( أرسل الأولون ) أي بالآيات مثل تسبيح الجبال ، وتسخير الريح ، وتفجير الماء ، وإحياء الموتى ، وهذا تناقض آخر في اعترافهم برسالة الأولين مع معرفتهم أنهم بشر ، وإنكارهم رسالته صلى الله عليه وشسلم لكون بشراً ، ولم يستجيبوا بعد التناقض من المكابرة فيما أتاهم به من انشقاق القمر ، وتسبيح الحصى ، ونبع الماء ، والقرآن المعجز ، مع كونه أمياً - إلى غير ذلك .
ولما أشار سبحانه إلى فساد طعنهم بما جعله هباء منثوراً ، وتضمن قولهم الذي سببوه عنه القرار بالرسل البشريين وىياتهم ، أتبعه بيان ما عليهم فيه ، فين أولاً أن الآيات تكون سبباً للهلاك ، فقال جواباً لمن كأنه قال : رب إلى ما اقترحوه ليؤمنوا : ( ما ءامنت ) أي بلإجابة لى الآيات المقترحات .
ولما كان المراد استغراق الزمان ، جرد الظرف عن الخافض فقال : ( قبلهم ) أي قبل كفار مكة المقترحين عليك ، وأعرق في النفي فقال : ( من قرية ( ولما كان المقصود التهويل في الأهلاك ، وكان إهلاك القرية دالاً على إهلاك أهلها ن غير عكس ، دل على إهلاك جميع المعاندين : ( أهلكنها ) أي على كثرتهم
77 ( ) وكم أهلبكنا قبلهم من القرون من بعد نوح ( ) 7
[ الإسراء : 17 ] ،
77 ( ) وما أهلكنا من قرية إلا ولهم منذرون ( ) 7
[ الشعراء : 208 ] ،
77 ( ) وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ( ) 7
[ الإسراء : 15 ] ( وما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عيه البشر ) وأشار بذلك لى أنه لم يسلم عند البأس إلا قرية واحدة وهم قوم يونس لأنهم آموا عند رؤيسة المخايل وقيل الشروع في الإهلاك ، وهو إشارةة إلى أن سبب الإيمان مشيئنه سبحانه لا الايات .
ولما بين أولاً أن الآيات تمون سبباً للهلاك ، فلا فائدة في الإجابة إلى ما اقترحوه منها بعد بطلان ما قدحوا به في القرآن ، بيّن ثانياً بطلان ما قدحوا به في الرسول بكونه بشراً ، بأن الرسل الذين كانوا من قبله كانوا بإقرارهم من جنسه ، فما لهم أن

الصفحة 68