كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 77
) من معي ( ممن آمن بي وقد ثبت أنه كلام الله بعجزكم عن معارضته فانظروا هل تجدون فيه شيئاً يؤيد أمركم ) وذكر ) أي وهذا ذكر ) من قبلي ( فاسألوا أهل الكتابين هلى في الكتاب منهما برهان لكم .
ولما كانوا لا يجدون شبهة لذلك فضلاً اقتضى الحال الإعراض عنهم غضباً ، فكان كأنه قيل : لا يجدون لشيء من ذلك برهاناً ) بل أكثرهم ( لأي هؤلاء المدعوين ) لا يعلمون الحق ( بل هم جهلة والجهل أصل الشر والفساد ، فهم يكفرون تقليداًُ ) فهم ) أي فتسبب عن جهلهم ما افتتحنا به السورة من أنهم ) معرضون ( عن ذكرك وذكر من قبلك غفلة منمهم عما يراد بهم وفعلاً باللعب فعلَ القاصر عن درجة العقل ، وبعضهم معاندة مع علمه الحق ، وبعضهم يعلم فيفهم - كما أفهمه التقييد بالأكثر .
ولما كان التقدير بياناً لما في الذكرين : ولو أقبلوا على الذكر لعلموا أنا أوحينا إليك في هذا الذكر أنه لا إله ألا أنا ، ما أرسلناك إلا لنوحي إليك ذلك ، عطف عليه قوله : ( وما أرسلنا ) أي بعظمتنا .
ولما كان الإرسال بالفعل غير مستغرق للزمان المتقدم لأنه كما أن الرسالة لا يقوم بها كل أحد ، فكذلك الإرسال لا يصلح له كل زمن ، أثبت الجار فقال : ( من قبلك ( وأعرق في النفي فقال : ( من رسول ( في شيع الأولين ) إلا لنوحي إليه ( من عندنا ) أنه لا إله إلا أنا ( ولم يقل : نحن ، لئلا يجعلوها وسيلة إلى شبهة ، ولذا قال : ( فاعبدون ( بالإفراد ، وترك التصريح بالأمر بالتخصيص بالعبادة لفهمه من المقام والحال ، فإنهم كانوا قبل ذلك يعبدونه ولكنهم يشركون تنبيهاً على أن كل عبادة فيها شوب شرك عدم .
ولما دل على نفي مطلق الشريك عقلاً ونقلاً ، فانتفى بذلك كل فرد يطلق عليه هذا السم ، عجب من ادعائهم الشركة المقيدة بالولد ، فقال عاطفاً على قوله
77 ( ) واسروا النجوى ( ) 7
[ طه : 62 ] : ( وقالوا ( قيل : الضمير لخزاعة حيث قالوا : الملائكة بنات الله ، وقيل : لليهود حيث قالوا : إنه سبحانه صاهر الجن فكانت منهم الملائكة : ( اتخذ ) أي تكلف كما يتكلف من يكون له ولد ) الرحمن ) أي الذي كل موجود من فيض نعمته ) ولداً ( .
ولما كان ذلك أعظم الذنب ، نزه نفسه سبحانه عنه بمجمع التنزيه فقال : ( سبحانه ) أي تنزه عن أن يكون له ولد ، فإن ذلك يقتضي المجانسة بينه وبين الولد ،