كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 79
الآية مع قوله تعالى
77 ( ) ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك ( ) 7
[ الفتح : 2 ] دليل على فضله ( صلى الله عليه وسلم ) على أهل السماء .
ولما كان مقتضياً للسؤال عن غير هذا من الظلمة ، قيل : ( كذلك ) أي مثل هذا الجزاء الفظيع جداً ) نجزي الظالمين ( كلهم ما داموا على ظلمهم .
ولما أنكر سبحانه اتخاذهم آلهة من دونه تارة بقيد كونها أرضية ، وتارة بقيد كونها سماوية ، وتارة مطلقة ، لتعم كلا من القسمين وغيرهما ، واستدل على ذلك كله بما لم تبق معه شبهة ، فدل تفرده على أنه لا مانع له مما يريد من بعث ولاغيره ، وكان علمهم لا يتجاوز ما في السموات والأرض ، قال مستدلاً على ذلك أيضاً مقرراً بما يعلمونه ، أو ينبغي أن يسألوا عنه حتى يعلموه لتمكنهم من ذلك ) فاسألوا أهل الذكر ( جلياً له في أسلوب العظمة : ( أولم ) أي ألم يعلموا ذلك بما أوضحنا من أدلته ولم يروا ، ولكنه أظهر للدلالة على أنهم يغطون أنوار الدلائل عناداً فقال : ( ير ) أي يعلم علماً هو كالمشاهدة ) الذين كفروا ) أي ستروا ما يعلمون من قدرو الله فأدى ذلك إلى الاستهانة والتنقص فصار ذنبهم غير مغفور ، وسعيهم غير مشكور ، وحذف ابن كثير الواو العاطفة على ما قدرته مما هدى إليه السياق أيضاً ، لا للاستفهام بما دل عليه ختام الآية التي قبلها من البعث والجزاء المقتضي للإنكار على من أنكره ، فكان المعنى على قراءته : نجزي كل ظالم بعد البعث ، ألم ير النمكرون لذلك قدرتنا عليه بما أبدعنا من الخلائق ، وإنما أنكر عليهم عدم الرؤية بسبب أن الأجسام وإن تباينت لا ينفصل بعضها عن بعض إلا بقادر يفصل بينهما ، فمن البديهي الاستحالة أن يرتفع شيء منها عن الآخر منفصلاً عنه بغير رافع لا سيما إذا كان المرتفع ثابتاً من غير عماد ، فكيف وهو عظيم الجسم كبير الجرم ؟ وذلك دال على تمام القدرة والاختيار والتنزه عن كل شائبة نقص من مكافىء وغيره ، فصح الإنكار عليهم في عدم علم ذلك بسبب أنهم عملوا بخلاف ما يعملونه ) إن السماوات والأرض ( .
ولما كان المراد الإخبار عن الجماعتين لا عن الأفراد قال : ( كانتا ( ولما كان المراد شدة الاتصال والتلاحم ، أخبر عن ذلك بمصدر مفرد وضع موضع الاسم فقال : ( رتقاً ) أي ملتزقتين زبدة واحدة على وجه الماء ، والرتق في اللغة : السد ، الفتق : الشق ) ففقناهما ) أي بعظمتنا أي بأن ميزنا إحداهما عن الأخرى بعد التكوين المتقن وفتقنا السماء بالمطر ، والأرض بأنواع النبات بعد أن لم يكن شيء من ذلك ، ولا كان مقدوراٍ على شيء منه لأحد غيرنا ؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما وعطاء والضحاك وقتادة : كانتا شيءاٍ واحداٍ ملتزقتين ففضل الله تعالى بينهما بالهواء .
وعن مجاهد وأبي