كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 96
بقتل الوزغ وقال : ( كان ينفخ النار على إبراهيم ) وقال ابن كثير : وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عبيد الله بن أخي وهب ثنا عمي عن جرير بن حازم أن نافعاً حدثه قال : حدثتني مولاة الفاكة بن المغيرة المخزومي قالت : دخلت على عائشة رضي الله عنها فرأيت في بيتها رمحاً فقلت : يا أم المؤمنين ما تصنعين بهذا الرمح ؟ فقالت : نقتل به هذه الأوزاغ ، إن رسول الله قال : ( إن إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار لم يكن في الأرض دابة إلا تطفىء عنه غير الوزغ ، فإنه كان ينفخ على إبراهيم فأمرنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بقتله .
( ولما قدم ما نبه على شدة الاهتمامم به لإفهامه أنه حكم بسلامته من كيدهم عند همهم به فكيف بما بعده قال عاطاً على تقديره : فألقوه فيها : ( وأرادوا به كيداً ) أي مكراً بإضراره بالنار وبعد خروجه منها ) فجعلناهم ) أي بما لنا من الجلال .
ولما كانوا قد أرادوا بما صنعوا له من العذاب أن يكون أسفل مننم أهل ذلك الجمع ، وكان السياق لتحقيق أمر الساعة الذي هو مقصود السورة ، وكان الصائر إليها المفرط فيها بالتكذيب بها قد خسر خسارة لا جبر لها لفوات محل الاستدراك ، قال : ( الأخسرين ( لأن فضيحتهم في الدنيا الموجبة للعذاب في الأخر كانت بنفس فعلهم الذي كادو به ، ولم يذكر سبحانه شعيباً عليه السلام مع أنه سخر له النار في يوم الظلة فأحرقت عصاه ، لأن فعل النار بقومه كان على ما هو المعهود من أمرها بخلاف فعلها مع إبراهيم عليه السلام ، فإنه على خلاف المعتاد ، وقد وقع مثل هذا لبعض أتباع نبيناً ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهو أبو مسلم الخولاني ، طلبه الأسود العنسي لما ادعى النبوة فقال له : أتشهد أني رسول الله ؟ قال : ما أسمع ، قال : أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ قال : نعم فأمر بنار فألقي فيها فوجده قائماً يصلي فيها وقد صارت عليه برداً وسلاماً ، وقدم بعد موت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فأجلسه عمر بينه وبين أبي بكر رضي الله عنهما وقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني من أمة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل الله .
ولما كان إنجاؤه - وهو وحده - ممن أرادوا به هذا الأمر العظيم من العجائب فكيف إذا انضم إليه غيره ، ولم يكن في ذلك الغير آية تمنعهم عنه كما كان في إبراهيم