كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 98
دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ) 73
( ) 71
ولما ذكر أنه أعطاهم رتبة الصلاح في انفسهم ، ذكر أنه أعطاهم رتبة الإصلاح لغيرهم ، فقال معظماً لإمامتهم : ( وجعلناهم أئمة ) أي أعلاماً ومقاصد يقتدى بهم في الدين بما أعطاهم من النبوة .
ولما كان الإمام قد يدعو إلى الردى ، ويصد عن الهدى ، إذا كانت إمامته ظاهرة لا يصحبها صلاح باطن ، تحترز عن ذلك بقوله : ( يهدون ) أي يدعون إلينا من وفقناه للهداية ) بأمرنا ( وهو الروح الذي هو العمل المؤسس على العلم بإخبار الملائكة به عنا ، ولإفهام ذلك عطف عليه قوله معظماً لوحية إليهم : ( وأوحينا إليهم ) أي أيضاً ) فعل ) أي أن يفعلوا ) الخيرات ( كلها وهي شرائع الدين ، ولعله عبر بالفعل دلالة على أنهم امتثلوا كل ما أوحي إليهم .
ولما كانت الصلاة أم الخيرات ، خصها بالذكر فقال : ( وإقام الصلاة ( قال الزجاج : الإضافة عوض عن تاء التأنيث .
يعني فيكون من الغالب لا من القليل ، وكان سر الحذف تعظيم الصلاة لأنها مع نقصها عن صلاتنا - لما أشار إليه الحذف - بهذه المنزلة من العظمة فما الظن بصلانتا .
ولما كانت الصلاة بين العبد والحق ، وكان روحها الإعراض عن كل فان ، عطف عليها قوله : ( وإيتاء الزكاة ) أي التي هي مع كنها إحساناً إلى الخلق بما دعت الصلاة إلى الانسلاخ عنه من الدنيا ، ففعلوا ما أوحيناه إليهم ) وكانوا لنا ( دائماً جبلة وطبعاً ) عابدين ) أي فاعلين لكل ما يأمرون به غيرهم ، فعل العبد مع ملاه من كل ما يجب له من الخدمة ، ويحق له من التعظيم والحرمة .
ولما كان سبحانه قد سخر لصديقه لوط عليه السالم إهلاك من عصاه في أول المر بحجارة الكبريت التي هي من النار ، وفي آخره بالماء الذي هو اقوى من النار ، تلاه به فقال : ( ولوطاً ) أي وآتيناه أو واذكر لوطاً ؛ ثم استأنف قوله : ( ءاتيناه ) أي بعظمتنا ) حكماً ) أي نبوة وعملاً محكماً بالعلم ) وعلماً ( مزيناً بالعمل ) ونجيناه ( بانفرادنا بالعظمة .
ولما كانت مادة ( قرا ) تدل على الجمع ، قال : ( من القرية ( المسماة سدوم ، أي من عذابهم وجميع شرورهم ، وأفرد تنبيهاً على عمومها بالقلع والقلب وأنه كان في غاية السهولة والسرعة ، وقال أبو حيان : وكانتسبعاً ، عبر عهنا بالواحدة لاتفاق أهلها على الفاحشة .
) التي كانت ( قبل إنجائنا له منها ) تعمل الخبائث ( بالذكران ، وغير ذلك من الطغيان ، فاستحقوا النار التي أمر المؤلفات ، بما ارتكبوا من الشهوة المححظورة لعدهم لها الملذذات ، والغمر بالماء القذر المنتن الذي جعلناه - مع أنا جعلنا من

الصفحة 98