كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 99
الماء كل شيء حي - لا يعيش فيه حيواناً ، فضلاً عن أن يتولد منه ، ولا ينتفع به ، لما خامروا من القذر الذي لا ثمرة له .
ولما كان في هذا إشارة غلى إهلاك القرية ، وأن التقدير : ودمرنا عليهم بعد انفصاله عنهم ، علله بقوله : ( إنهم كانوا ( اي بما جلبوا عليه ) قوم سوء ) أي ذوي قدرة على الششر بانهماكهم في الأعمال السيئة ) فاسقين ( خارجين من كل خير ، ثم زاد الإشارة وضوحاً بقوله : ( وأدخلناه ) أي دونهم بعظمتنا ) في رحمتنا ) أي في الأحوال السنية ، والأقوال العلية ، والأفعال الزكية ، التي هي سبب الرحمة العظمى ومسببة عنها ؛ ثم علل ذلك بقوله : ( إنه من الصالحين ) أي لما جلبناه عليه من الخير .
ولما أتم سبحانه قصة لوط المناسبة لقصة الخليل عليهما السلام بحجارة الكبريت ، لقصة نوح عليه السلام بالماء الذي غمرت به قراه السبع ، أتبع ذلك قصة نوح عليه السلام الذي سخر له من الماء مل لم يسخره لغيره لغمره جميع الأرض دانيها وقاصيها ، واطيها وعاليها ، فقال : ( ونوحاً إذ ) أي اذكره حين ) نادى ) أي دعا ربه
77 ( ) إني مغلوب فانتصر ( ) 7
[ القمر : 10 ] و
77 ( ) لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً ( ) 7
[ نوح : 26 ] ونحوه من الدعاء .
ولما كان دعاؤه لم يستغرق الأزمنة الماضية ، أثبت الجالر فقال : ( من قبل ) أي من قبل لوط ومن تقدمه ) فاستجبنا ) أي أردنا الإجابة وأوجدناها بعظمتنا ) له ( في ذلك النداء ؛ ثم سبب عن ذلك قوله : ( فنجيناه ) أي بعظمتنا تنجية عظيمة ) وأهله ( الذين أدام ثباتهم على الإسلام وصلتهم به ) من الكرب العظيم ( من الأذى والغرق ؛ قال أبو حيان : والكرب : أقصى الغم ، والأخذ بالنفس ، وهو هنا الغرق ، عبر عنه بأول أحوال ما يأخذ الغريق .
) ونصرناه ) أي مخلصين له ومانعين ومنتقمين ) من القوم ) أي المتصفين بالقوة ) الذين كذبوا ) أي أوقعوا التكذيب له ) بآيتنا ) أي بسبب إتيانه بها ، وهي من العظمة على أمر لا يخفى .
ولما كان التقدير : ثم أهلكناهم ، علله بقوله : ( إنهم كانوا قوم سوء ( لا عمل لهم إلا ما يسوء ) فأغرقناهم ) أي بعظمتنا التي أتت عليهم كلهم ) أجمعين ( حتى من قطع الكفر بين نوح عليه السلام وبينه من أهله فصار لا يعد من أهله ، لاختلاف الانتساب بالدين .
ولما كان ربما قيل : لم قدم إبراهيم ومن معه على نوح وهو أبوهم ومن أولي العزم ، وموسى وهارون على إبراهيم وهو كذلك ، أشار بقصة داود وسليمان - على