كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 5)

فغنيته إياه وشرب عليه وسمع حديث الفتى؛ فأمر من وقته بكتاب الى عامل الحجاز بإشخاص الرجل وابنته وجميع أهله إلى حضرته؛ فلم تمض إلا مسافة الطريق حتى أحضروا. فأمر الرشيد بإحضار أبى الجارية إليه فأحضر، وخطب إليه الجارية للفتى وأقسم عليه ألّا يخالف أمره؛ فأجابه وزوّجها إياه؛ وحمل الرشيد إليه ألف دينار لجهازها وألف دينار لنفقة طريقه، وأمر للفتى بألف دينار ولى بألف دينار، وأمر جعفر لى وللفتى بألف دينار. وكان المدينىّ بعد ذلك من ندماء جعفر بن يحيى.
ذكر أخبار محمد الرف
هو محمد بن عمرو مولى بنى تميم، كوفىّ المولد والمنشأ. والرفّ [1] لقب غلب عليه.
وكان مغنيّا ضاربا صالح الصّنعة مليح النادرة. وكان أسرع خلق الله أخذا للغناء وأصحّهم أداء له وأذكاهم. وكان اذا سمع الصوت مرتين أو ثلاثا أدّاه لا يكون بينه وبين من أخذه عنه فرق فيه. وكان متعصّبا على ابن جامع مائلا إلى إبراهيم الموصلىّ وابنه إسحاق، وكانا يرفعان منه ويقدّمانه ويأخذان له الصّلات من الخلفاء. وكانت فيه عربدة إذا سكر. فعربد بحضرة الرشيد مرة، فأمر بإخراجه ومنعه من الدخول إليه وجفاه وتناساه. قال أبو الفرج: وأحسبه مات فى خلافته أو خلافة الأمين.
ومن أخباره فى جودة الأخذ وسرعة الحفظ ما رواه حماد بن إسحاق عن أبيه قال:
غنّى ابن جامع يوما بحضرة الرشيد:
جسور على هجرى جبان عن الوصل ... كذوب عدات يتبع الوعد بالمطل
مقدّم رجل فى الوصال مؤخّر ... لأخرى يشوب الجدّ فى ذاك بالهزل
__________
[1] ورد فى أكثر أصول الأغانى المخطوطة والمطبوعة «الرف» بالراء المهملة، وورد فى بعض المواضع من أصول الأغانى «الزف» بالزاى المعجمة.

الصفحة 17