كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 5)

كل جائزة وفائدة تصل إليه. وكان محمد الرفّ مغرى بابن جامع خاصّة من بين المغنّين ليخله، وكان لا يفتح ابن جامع فاه بصوت إلا وضع عينه عليه وصغى بسمعه إليه حتى يحكيه. وكان فى ابن جامع بخل شديد لا يقدر معه على أن يسعفه ببرّ ورفد. وساق نحو ما تقدّم إلا أنه قال: إن الرّف أخذ الصوت لأوّل مرة وألقاه على إسحاق فأخذه عنه فى ثلاث مرار. قال حماد: وللرفّ صنعة يسيرة، وذكر منها أصواتا.
ذكر أخبار محمد بن الأشعث
قال أبو الفرج: كان محمد بن الأشعث القرشىّ ثم الزّهرىّ كاتبا، وكان من فتيان أهل الكوفة وظرفائهم، وكان يقول الشعر ويغنّى فيه. فمن ذلك قوله فى سلّامة زرقاء ابن رامين:
أمسى لسلّامة الزرقاء فى كبدى ... صدع يقيم طوال الدهر والأبد
لا يستطيع صناع القوم يشعبه ... وكيف يشعب صدع الحبّ فى الكبد
إلّا بوصل التى من حبّها انصدعت ... تلك الصدوع من الأسقام والكمد
وكان ملازما لابن رامين ولجاريته سلّامة الزرقاء، فشهر بذلك، فلامه قومه فى فعله فلم يحفل بمقالتهم؛ وطال ذلك منه ومنهم، حتى رأى بعض ما يكره فى منزل ابن رامين، فمال الى سحيقة جارية زريق ابن منيح مولى عيسى بن موسى، وكان زريق شيخا كريما نبيلا، يجتمع إليه أشراف أهل الكوفة من كل حىّ، وكان الغالب على منزله رجلا من ولد القاسم بن عبد الغفار العجلىّ كغلبة محمد بن الأشعث على منزل ابن رامين؛ فتلازما على ملازمة زريق. وفى ذلك يقول محمد بن الأشعث:

الصفحة 19