كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِحُوَيِّصَةَ، وَمُحَيِّصَةَ، وَعَبدِ الرَّحمَنِ: أَتَحلِفُونَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالطرق المسندة المستفيضة، وما ذكروه مما رواه أبو داود والنسائي بالطرق المسندة المستفيضة، وما ذكروه مما رواه أبو داود والنسائي: مراسيل، وغير معروفة عند المحدِّثين، وليست مِمَّا تعارض بها الطُّرُق الصِّحاح؛ فيجب ردَّها بذلك. وأجابوا عن التمسك بالأصل: بأن هذا الحكم أصل بنفسه لحرمة الدِّماء، ولتعذر إقامة البيِّنة على القتل غالبًا. فإن القاصد للقتل إنَّما يطلب الخلوة، والغيلة، بخلاف سائر الحقوق، وبشهادات الروايات الصحيحة لهذا الأصل الخاص بهذا الحكم الخاص، وبقي ما عداه على ذلك الأصل الآخر. ثم ليس ذلك خروجًا عن ذلك الأصل بالكلية. وذلك أن المدَّعي إنَّما كان القول قوله لقوَّة جنبته بشهادة الأصل له بالبراءة مما ادُّعي عليه، وذلك المعنى موجود هنا، فإنَّه إنما كان القول قول المدَّعين لقوة جنبتهم باللوث الذي يشهد لهم بصدقهم. فقد أعملنا ذلك الأصل، ولم نطرحه بالكليَّة.
و(قوله: أتحلفون خمسين يمينًا؟ )، وفي الأخرى: (أيُقسم خمسون منكم؟ ) دليل: على استحقاق هذا العدد من الأيمان، فلا يجزئ فيها أقل من ذلك. فإن كان المستحقون خمسين؛ حلف كل واحد منهم يمينًا واحدة. فإن كانوا أقل من ذلك، أو نكل منهم من لا يجوز عفوه رُدَّت الأيمان عليهم بحسب عددهم. ولا يحلف في العمد أقل من اثنين من الرجال، لا يحلف فيه الواحد من الرِّجال ولا النساء، يحلف الأولياء ومن يستعين بهم الأولياء من العصبة خمسين يمينًا. هذا مذهب مالك، والليث، وربيعة، والثوري، والأوزاعي، وأحمد وداود، وأهل الظاهر. واختلف عن مالك فيما إذا زاد الأولياء على الخمسين. هل يحلف كلهم يمينًا، يمينًا؟ أو يقتصر منهم على خمسين؟ وهذا هو الأولى لقوله: (يحلف خمسون منكم)، و (من) للتبيين (¬1). والخطاب لجميع الأولياء. فأفادَ
¬__________
(¬1) في (ج 2): للتبعيض.

الصفحة 11