كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أبو هريرة: (فإني أحكم بما في التوراة) (¬1) على ما ذكره أبو داود. وقد استوفينا هذا المعنى في الأصول.
المسألة الثالثة في شهادة أهل الذمَّة: فالجمهور على أن الكافر لا تقبل شهادته على مسلم، ولا على كافر؛ لأنَّ الله عزَّ وجلَّ قد شرط في الشهادة العدالة. والكافر ليس بعدل؛ ولأن الفاسق المسلم مردود الشهادة بالنص، فالكافر أولى؛ ولأن العبد المسلم مسلوب أهلية الشهادة للكفر الأصلي الذي كان سبب رقِّه (¬2). فالكفر الحاصل في الحال أولى بأن يكون مانعًا، ولا فرق بين الحدود وغيرها، ولا بين السفر والحضر. وقد قبل شهادتهم جماعة من التابعين، وأهل الظاهر إذا لم يوجد مسلم؛ تمسُّكًا بما ذكرناه من حديث أبي داود المتقدم. وقال أحمد بن حنبل: تجوز شهادة أهل الذمَّة على المسلمين في السفر عند عدم المسلمين تمسُّكًا في ذلك بما جاء في كتاب أبي داود عن الشعبي: أن رجلًا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقاء (¬3) هذه، ولم يجد أحدًا من المسلمين يشهد على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب، فقدما الكوفة، فأتيا الأشعري، فأخبراه، وقدما بتركته ووصيته، فقال الأشعري: هذا أمرٌ لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأحلفهما بعد العصر بالله: ما كذبا، ولا خانا، فأمضى شهادتهما (¬4).
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (4450) و (4451).
(¬2) جاء في كتاب "الفقه الإسلامي وأدلته" (6/ 562) للدكتور وهبة الزحيلي: من شروط الشاهد: الحرية: اتفق الحنفية والمالكية والشافعية على أن الشاهد يُشترط فيه: أن يكون حرًا، فلا تُقبل شهادة رقيقٍ؛ لقوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75]، ولأن الشهادة فيها معنى الولاية، وهو لا ولاية له.
(¬3) "دقوقاء": بلد بين بغداد وإربل.
(¬4) رواه أبو داود (3605).

الصفحة 112