كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولا حجة فيه؛ لأنَّه مرسل وموقوف. ولو صحَّ؛ فلم يحكم بمجرد شهادتهما حتى ضم إليها يمينهما، والشاهد لا يستحلف. وإنَّما كان هذا من أبي موسى عملًا بما [تُفِيدُه القرائن] (¬1). والله تعالى أعلم.
فأمَّا أخبَار أهل الكفر فيما لا يُعرَف إلا من جهتهم، كإخبارهم عن ذبائحهم، ونسائهم، وأحكامهم، وأقوال أطِبَّائهم، فتُسمَع إذا احتيج إلى ذلك لضرورة الحال، وهي أخبار لا شهادات. والله تعالى أعلم.
ويُعتَذَر للجمهور عن رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - الزانيين عند شهادة اليهود: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفَّذ عليهم ما علم أنَّه حكم التوراة، وألزمهم العمل به على نحو ما عملت به بنو إسرائيل إلزامًا للحجَّة عليهم، وإظهارًا لتحريفهم وتغييرهم، فكان منفِّذًا لا حاكمًا. وهذا يمشي على تأويل الشافعي المتقدم. وأمَّا على ما قرَّرناه من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان حاكمًا في القضيَّة بحكم الله، فيكون العذر عن سماع شهادة اليهود: أن ذلك كان خاصًّا بتلك الواقعة؛ إذ لم تسمع في الصدر الأول شهاداتهم في مثل ذلك. والله تعالى أعلم.
المسألة الرابعة: وهي أن هذا الحديث يدلُّ على أن ليس شرطًا في الإحصان. فإنه - صلى الله عليه وسلم - رجم اليهوديين، ولو كانا شرطًا لما رجمهما. وبهذا قال الزهري، وابن أبي ليلى، وأبو حنيفة، والشافعي، وأحمد. وقالت طائفة أخرى: إنَّه من شروط الإحصان. وبه قال مالك، والشافعي - في أحد قوليه - متمسكين بأن الشرع إنَّما حكم برجم الحرِّ، المسلم، الثيب، إذا زنى؛ لعلو منصبه، وشرفيته بالحرية والإسلام؛ بدليل: أن العبد لا يرجم، وينصف عليه الحدّ لخسَّة قدره. والكافر أخس من العبد المسلم، فكان أولى بألا يرجم، ولأن من شرط
¬__________
(¬1) في (ل 1) و (ز) و (م 3): يفيده ظاهر القرآن.
الصفحة 113
648