كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

بَينَ وُجُوهِهِمَا، وَيُطَافُ بِهِمَا. قَالَ: فَأتُوا بِالتَّورَاةِ إِن كُنتُم صَادِقِينَ. فَجَاؤوا بِهَا فَقَرَؤوهَا، حَتَّى إِذَا مَرُّوا بِآيَةِ الرَّجمِ، وَضَعَ الفَتَى الَّذِي يَقرَأُ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجمِ، وَقَرَأَ مَا بَينَ يَدَيهَا وَمَا وَرَاءَهَا، فَقَالَ لَهُ عَبدُ اللَّهِ بنُ سَلَامٍ - وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: مُرهُ فَليَرفَع يَدَهُ، فَرَفَعَهَا، فَإِذَا تَحتَهَا آيَةُ الرَّجمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا، قَالَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ: كُنتُ فِيمَن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلى أهل دينهم إلا أن يظهر منهم ذلك بين يدي (¬1) المسلمين؛ فيمنعوا من ذلك. ولا حجَّة لمن خالف مالكًا في هذا الحديث، لما قدَّمناه من أنهم حكَّموا النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فحكم بأحد ما خيَّره الله تعالى فيه على ما تقدَّم.
الغريب: الحُمَم: الفَحم، واحدته: حُمَمَة. والمُحمَّمُ: المسوَّد. وروى العذري، والسمرقندي: نُسَوِّد وجوههما ونُحمِّمهُما. ورواه السَّجزي: نُجمِلهُما - بنون مضمومة، وجيم -؛ بمعنى: نحملهما على جمل، ويطاف بهم. ورواها الطبري: نَحمِلهما - بنون مفتوحة، وحاء مهملة - من الحمل. وكلتا الروايتين أحسن من رواية العذري، لأن فيها تكرارًا. فإن قوله: نسوِّدهما. هو بمعنى: نُحَمِّمهُما. وقد تقدم ذكر (التَّجبيه)، وقد تقدم أن هذا الفعل إنما كان مما اخترعته اليهود، وابتدعوه، وجعلوه عوضًا عن حكم الرَّجم، ولذلك لم يقل به أحدٌ من أهل الإسلام في الزنى، وإنَّما عمل به بعض أهل العلم في شاهد الزور، فرأى أن يحمم وجهه، ويجلد، ويحلق رأسه، ويطاف به. وروي ذلك عن عمر بن الخطاب. وقد روي ذلك عن بعض قضاة البصرة. ولم يره مالك.
و(قوله: فأتوا بالتوراة) دليل على جواز المطالبة بإقامة الحجج على الأحكام.
¬__________
(¬1) ليست في (ج 2).

الصفحة 115