كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، {وَمَن لَم يَحكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} فِي الكُفَّارِ كُلُّهَا.
رواه مسلم (1700)، وأبو داود (4448)، والنسائي في الكبرى (7218)، وابن ماجه (2558).
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهكذا في كل ما يعلم من ضرورة الشرع حكمه، كالصلاة، وغيرها من القواعد المعلومة. وهذا مذهب أهل السُّنة. وقد تقدم ذلك في كتاب الإيمان؛ حيث بيَّنَّا: أن الكفر هو الجحد والتكذيب بأمرٍ معلوم ضروري من الشرع، فما لم يكن كذلك فليس بكفر.
ومقصود هذا البحث: أن هذه الآيات المراد بها: أهل الكفر، والعناد. وأنها كانت ألفاظها عامة، فقد خرج منها المسلمون؛ لأنَّ ترك العمل بالحكم مع الإيمان بأصله هو دون الشرك. وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} وترك الحكم بذلك ليس بشرك بالاتفاق، فيجوز أن يُغفر، والكفر لا يُغفر، فلا يكون ترك العمل بالحكم كفرًا. ويعتضد هذا بالقاعدة المعلومة من الشرع المتقدمة.
والظلم والفسق في هاتين الآيتين المراد به: الكفر؛ لأنَّ الكافر وضع الشيء في غير موضعه، وخرج عن الحق، فصدق على الكافر: أنَّه ظالم وفاسق، بل هو أحق بذينك الاسمين ممن ليس بكافر؛ لأنَّ ظلمه أعظم الظلم، وفسقه أعظم الفسق. وقد تقدَّم في الإيمان بيان كفر دون كفر، وظلم دون ظلم.
* * *

الصفحة 118