كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)
وَتَستَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُم؟ .
قَالَوا: لَا والله.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك: أنهم إذا حلف منهم خمسون أجزأ.
وأمَّا القسامة في الخطأ عند القائلين بها: فيحلف فيها الواحد من الرجال، والنساء، فمهما كملت خمسون يمينًا من واحد أو أكثر استحق الحالف ميراثه، ومن نكل لم يستحق شيئًا. فإن جاء من غاب حلف من الأيمان ما كان يجب عليه لو حضر بحسب ميراثه. هذا قول مالك المشهور عنه. وقد روي عنه: أنه لا يرى في الخطأ قسامة. وقال الليث: لا ينقص من ثلاثة أنفس. وقال الشافعي: لا يحلف في العمد، ولا في الخطأ إلا أهل الميراث على قدر مواريثهم. ولا يحلف على مال مَن لا يستحقه. وهو قول أبي ثور، وابن المنذر.
و(قوله: وتستحقون دم صاحبكم)، وفي الرواية الأخرى: (فيُدفَع إليكم برمَّتِه (¬1)) نصٌّ في أن القسامة يُستحقُّ بها الدَّم. وهو مذهب معظم الحجازيين، وهو قول الزهري، وربيعة، والليث، ومالك، وأصحابه، والأوزاعي، وأبي ثور، وأحمد، وإسحاق، وداود، وأحد قولي الشافعي. وروي ذلك عن ابن الزبير، وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم. قال أبو الزناد: قتلنا بالقسامة وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرون؛ إني لأراهم ألف رجل، فما اختلف منهم في ذلك اثنان. وقال الكوفيُّون، وإسحاق، والشافعي - في قوله الآخر -: إنَّما تجب بها الدِّية. وهو قول الحسن البصري، والحسن بن حي، والبتِّي، والنخعي، والشعبي. وروي عن أبي بكر، وعمر، وابن عبَّاس، ومعاوية. والحديث المتقدِّم نصٌّ في موضع الخلاف، فلا ينبغي أن يُعدَل عنه.
و(قوله: على رجل منهم)، وفي اللفظ الآخر: (وتستحِقُّون دم صاحبكم) دليلٌ على أن القسامة إنما تكون على واحد. وهو قول أحمد، ومشهور قول
¬__________
(¬1) هي من رواية أبي داود (4521 و 4523).
الصفحة 12
648