كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

فَليَجلِدهَا الحَدَّ وَلَا يُثَرِّب عَلَيهَا، ثُمَّ إِن زَنَت الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَليَبِعهَا وَلَو بِحَبلٍ مِن شَعَرٍ.
رواه البخاريُّ (2152)، ومسلم (1703) (30)، وأبو داود (4470).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكل من قال بإقامة السيِّد الحدّ على أمته لم يفرِّق بين أن تكون الأمة ذات زوج، أو غير ذات زوج؛ خلا مالكًا فإنَّه قال: إن كانت غير ذات زوج، أو كانت متزوجة بعبد السيِّد أقام عليها الحدّ، فلو كانت متزوجة بأجنبي لم يقم سيِّدها عليها الحدّ لحق الزوج؛ إذ قد يُعِيبُها عليه، وإنَّما يقيمه الإمام.
والجلد المأمور به هنا: هو نصف حدِّ الحرِّ. الذي قال الله تعالى فيه: {فَعَلَيهِنَّ نِصفُ مَا عَلَى المُحصَنَاتِ مِنَ العَذَابِ}
و(قوله: ولا يُثَرِّب عليها) أي: لا يُوبِّخ، ولا يُعيِّر، ولا يُكثِر من اللَّوم، فإنَّ الإكثار من ذلك يزيل الحياء والحشمة، ويُجرئ على ذلك الفعل. وأيضًا: فإن العبد غالب حاله: أنَّه لا ينفعه اللوم والتوبيخ، ولا يؤثر، فلا يظهر له أثر، وإنما يظهر أثره في حق الحر. ألا ترى قول الشاعر:
واللَّوم للحرِّ مُقيمٌ رادِعٌ ... والعبدُ لا يَردَعُهُ إلا العصا
وأيضًا: فإن التوبيخ واللَّوم (¬1) عقوبة زائدة على الحد الذي نصّ الله تعالى عليه، فلا ينبغي أن يلتزم ذلك. ولا يدخل في ذلك الوعظ والتخويف بعقاب الله تعالى، والتهديد إذا احتيج إلى ذلك؛ إذ ليس بتثريب، ولأن الصحابة - رضي الله عنهم - قد قالوا لشارب الخمر: أما اتَّقيت الله، أما استحيت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
¬__________
(¬1) في (ج 2): الذم.

الصفحة 120