كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)
[1791] وعنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَن الأَمَةِ إِذَا زَنَت وَلَم تُحصِن قَالَ: إِن زَنَت فَاجلِدُوهَا، ثُمَّ إِن زَنَت فَاجلِدُوهَا، ثُمَّ إِن زَنَت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
و(قوله: ثم إن زنت فبيعوها ولو بضفير)، الضفير: الحبل المضفور، فعيل بمعنى: مفعول. وفي الرِّواية الأخرى: (ولو بحبل من شعر) [فوصف الحبل بكونه من شعر] (¬1)؛ لأنَّه أكثر حبالهم. وهذا خرج مخرج التقليل والتزهيد في الجارية الزانية، فكأنَّه قال: لا تمسكها، بعها بما تيسَّر. ففيه دليل على إبعاد أهل المعاصي واحتقارهم.
فروع: إذا باعها عرَّف بزناها، فإنَّه عيبٌ، فلا يحلُّ أن يكتم. فإن قيل: إذا كان مقصود هذا الحديث إبعاد الزانية، ووجب على بائعها التعريف بزناها، فلا ينبغي لأحد أن يشتريها، لأنها مِمَّا قد أُمِرنا بإبعادها. فالجواب: إنَّها مالٌ، ولا يُضاع؛ للنهي عن إضاعة المال، ولا تُسيَّب، ولا تحبس دائمًا؛ إذ كل ذلك إضاعة مال، ولو سُيِّبت لكان ذلك إغراءً لها بالزنى وتمكينًا منه، فلم يبق إلا بيعها. ولعل السيِّد الثاني يُعِفُّها بالوطء، أو يبالغ في التحرز بها، فيمنعها من ذلك. وعلى الجملة فعند تَبَدُّل الأملاك تختلف عليها الأحوال. وجمهور العلماء حملوا الأمر ببيع الأمة الزانية على النَّدب، والإرشاد للأصلح، ما خلا داود وأهل الظاهر فإنهم حملوه على الوجوب تمسُّكًا بظاهر الأمر، والجمهور صرفوه عن ظاهره تمُّسكًا بالأصل الشرعي، وهو: أنَّه لا يجبر أحدٌ على إخراج ملكه لملك آخر بغير الشفعة. فلو وجب ذلك عليه لجبر عليه، ولم يجبر عليه فلا يجب. وقد استنبط بعض العلماء من هذا الحديث جواز البيع بالغَبن، قال: لأنه بيع خطير بثمن يسير. وهذا ليس بصحيح؛ لأنَّ الغبن المختلف فيه إنَّما هو مع الجهالة من المغبون. وأمَّا مع علم البائع بقدر ما باع وبقدر ما قبض فلا يختلف فيه؛ لأنَّه
¬__________
(¬1) ما بين حاصرتين ساقط من (ج 2).
الصفحة 121
648