كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)
[1792] وعَن أَبِي عَبدِ الرَّحمَنِ قَالَ: خَطَبَ عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقد اختلف في إحصان الآية، كما اختلف في الإحصان المنفي في الحديث. فقال قوم: هو الإسلام. قاله ابن مسعود، والشعبي، والزهري، وغيرهم. وعلى هذا: فلا تُحدُّ كافرةٌ. وقال آخرون: إنَّه التزويج. قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير. وعلى هذا فتُحدُّ المتزوجة وإن كانت كافرة، كما قاله الشافعي. وقال آخرون: إنَّه الحرية. وروي ذلك عن عمر، وابن عباس، وعلي. وعلى هذا: فلا تُحدُّ أمةٌ بوجه وإن كانت مسلمة، لكنها يجلدها سيِّدها تعزيرًا. وكل هذا الخلاف أوجبه اشتراك لفظ الإحصان، فإنَّه قد جاء في كتاب الله تعالى بمعنى: الإسلام، والحرية، والتزويج، والعفاف. والعفاف غير مراد في هذا الحديث، ولا في هذه اآية بالاتفاق، فبقي لفظ الإحصان محتملًا لأن يراد به واحد من تلك المعاني الثلاثة، فترتب عليه الخلاف المذكور.
والذي يرفع الإشكال عن الحديث إن شاء الله تعالى: أن نفي الإحصان إنما هو من قول السَّائل، ولم يصرَّح النبي - صلى الله عليه وسلم - بأخذه قيدًا في الجلد. فيحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أعرض عنه، وأفتى (¬1) بالجلد مطلقًا. ويشهد لهذا التأويل: أن الأحاديث الواردة في جلد الأمة إذا زنت، ليس فيها ذكر لذلك القيد من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوله: (إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحدّ. . . الحديث) ولو سلمنا: أن ذلك القيد من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وتنزلنا على القول بدليل الخطاب، فأولى الأقوال به أن يحمل على التزويج، ويستفاد منه صحة مذهب مالك على ما قدَّمناه دفعا للاشتراك، وتنزيلًا للحديث على فائدة مستجدَّة. والذي يحسم مادة الإشكال عن الحديث والآية حديث علي بعد هذا، وهو قوله في حال خطبته: يا أيها النَّاس أقيموا على أرقائكم الحدّ، من أحصن منهم ومن لم يحصن. وهذا الحديث وإن كان موقوفًا على علي - رضي الله عنه - في كتاب مسلم، فقد رواه النسائي، وقال فيه: قال
¬__________
(¬1) في (ج 2): وأجابه.
الصفحة 123
648