كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)
فَقَالَ عَلِيٌّ: قُم يَا حَسَنُ فَاجلِدهُ، فَقَالَ الحَسَنُ: وَلِّ حَارَّهَا مَن تَوَلَّى قَارَّهَا، فَكَأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيهِ، فَقَالَ: يَا عَبدَ اللَّهِ بنَ جَعفَرٍ، قُم فَاجلِدهُ، فَجَلَدَهُ وَعَلِيٌّ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ أَربَعِينَ، فَقَالَ: أَمسِك،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شيء من شروطها، ولا أحكامها. ولذلك يجب عند جميع العلماء أن يختار لها أهل الفضل، والعدل؛ إذا أمكن ذلك مخافة التعدِّي في الحدود. وقد وقع في زماننا من جلد في الخمر ثمانين، فتعدَّى عليه الضاربُ، فقتله بها، وحُرمةُ دم المسلم عظيمة، فتجب مراعاتها بكل ممكن.
و(قول علي: قم يا حسن فاجلده! ) دليل على أن من استنابه الإمام في أمر فله أن يستنيب من يتنزل منزلته في ذلك الأمر.
و(قول حسن: ولِّ حارَّها من تولى قارَّها). هذا مثل من أمثال العرب. قال الأصمعي: معناه: وَلِّ شدَّتها من تولى هنيئها. والقارُّ: البارد. ويعني الحسن بهذا: ولِّ شدة إقامة الحدّ من تولى إمرة المسلمين، وتناول حلاوة ذلك.
و(قوله: فكأنه وجد عليه) أي: غضب عليه لأجل توقفه فيما أمره به، وتعريضه بالأمراء.
و(قوله: فقال: يا عبد الله! قم فاجلده) يحتمل أن يكون الآمر لعبد الله عليًّا، فكأنه أعرض عن الحسن لَمَّا توقف. ويحتمل أن يكون الحسن استناب عبد الله فيما أمره به علي طلبًا لرضا علي. والله تعالى أعلم.
و(قوله: فجلده وعلي يعدُّ حتى بلغ أربعين، فقال: أمسك) ظاهر هذا: أنَّه لم يزد على الأربعين. وفي البخاري من حديث المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن الأسود، وذكر هذا الحديث طويلًا، وقال في آخره: إن عليًّا جلد الوليد ثمانين (¬1). وهذا تعارض، غير أن حديث حضين أولى، لأنَّه مفصل في مقصوده،
¬__________
(¬1) رواه البخاري (3696).
الصفحة 135
648