كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

ثُمَّ قَالَ: جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وأَبُو بَكرٍ أَربَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ.
رواه مسلم (1707) (38)، وأبو داود (4480 و 4481).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حسنٌ في مساقه، وساقه رواية مساق المُتثبِّت. والأقرب أن بعض الرواة وَهِمَ في حديث المسور، فوضع (ثمانين) مكان (أربعين).
و(قول علي: جلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين. وأبو بكر أربعين، وكل سُنَّة) دليل واضح على اعتقاد علي - رضي الله عنه - صحة إمامة الخليفتين أبي بكر، وعمر، وأن حكمهما يقال عليه: سُنَّة؛ خلافًا للرافضة والشيعة، وهو أعظم حُجَّة عليهم؛ لأنَّه قول متبوعهم؛ الذي يتعصبون له، ويعتقدون فيه ما يتبرأ هو منه. وكيف لا تكون أقوال أبي بكر وعمر وأفعالهما سنة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر) (¬1)؟ ! .
و(قوله: وهذا أحبُّ إلي) ظاهره: أنَّه أشار إلى الأربعين التي أمر بالإمساك عليها. وقد روي: أن المعروف من مذهبه الثمانون. فيكون له في ذلك القولان، لكنه دام هو على الثمانين لما كثر الإقدام على شرب الخمر.
وحاصل هذا الاختلاف في الأحاديث، وبين الصحابة راجع إلى أنه لم يتقدَّر في الخمر حدٌّ محدود. وإنما كان الأدب والتعزير، لكن استقر الأمر: أن أقصى ما بلغ فيه إلى الثمانين، فلا يزاد عليها بوجه. وقد نصَّ على هذا المعنى السائب بن يزيد فيما خرَّجه البخاري قال: كنَّا نُؤتى بالشارب على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإِمرة أبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر، فنقوم إليه بأيدينا، ونعالنا، وأرديتنا، حتى كان آخر إمرة عمر، فجلد أربعين، حتى إذا عَتَوا وفَسَقُوا جلد ثمانين (¬2). وعلى هذا:
¬__________
(¬1) رواه أحمد (5/ 382)، والترمذي (3663)، وابن ماجه (97).
(¬2) رواه البخاري (6779).

الصفحة 136