كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

[1796] وعَن عَلِيٍّ قَالَ: مَا كُنتُ أُقِيمُ عَلَى أَحَدٍ حَدًّا فَيَمُوتَ فِيهِ فَأَجِدَ فِي نَفسِي إِلَّا صَاحِبَ الخَمرِ؛ لِأَنَّهُ إِن مَاتَ وَدَيتُهُ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَم يَسُنَّهُ.
رواه أحمد (1/ 125)، والبخاريُّ (6778)، ومسلم (1707) (39)، وأبو داود (4486)، وابن ماجه (2569).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فلا ينبغي أن يعدل عن الثمانين؛ لأنَّه الذي استقرَّ عليه آخر أمر الصحابة أجمعين.
و(قول علي: ما كنت لأقيم على أحد حدًّا فيموت فأجد في نفسي إلا صاحب الخمر؛ لأنَّه إن مات وديته) يدلُّ على أن ما كان فيه حدٌّ محدود فأقامه الإمام على وجهه، فمات المحدود بسببه؛ لم يلزم الإمام شيء، ولا عاقلته، ولا بيت المال. وهذا مجمعٌ عليه؛ لأنَّ الإمام قام بما وجب عليه، والميت قتيل الله. وأمَّا حدّ الخمر فقد ظهر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحدّ فيه حدًّا. فلما قصرته الصحابة على عدد محدود، هو الثمانون، وجد علي في نفسه من ذلك شيئًا، فصرَّح بالتزام الدِّية إن وقع له موت المجلود احتياطًا، وتوقيًّا، لكن ذلك - والله أعلم - فيما زاد على الأربعين إلى الثمانين. وأمَّا الأربعون: فقد نص (¬1) هو على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر جلداها، وسمى ذلك سنة. فكيف يخاف من ذلك؟
وهذا هو الذي فهمه الشافعي من فعل علي هذا، فقال: إن حدّ أربعين بالأيدي، والنعال، والثياب، فمات؛ فالله قتله. وإن زِيدَ على الأربعين بذاك، أو ضرب أربعين بسوط فمات؛ فديته على عاقلة الإمام.
قلت: ويظهر لي من فعل عمر خلافُ ذلك: إنه لما شُهِدَ على قُدامة بشُرب الخمر استشار من حضره في جَلدِه، فقال القوم: لا نرى أن تَجلِدَه ما دام
¬__________
(¬1) في (ج 2): صرَّح.

الصفحة 137