كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)
[1797] وعَن أَبِي بُردَةَ الأَنصَارِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا يُجلَدُ أَحَدٌ فَوقَ عَشَرَةِ أَسوَاطٍ، إِلَّا فِي حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ.
رواه أحمد (4/ 45)، والبخاريُّ (6850)، ومسلم (1708)، وأبو داود (4492)، والنسائي في الكبرى (7330).
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَجِعًا، فسكت عمر عن جلده أيامًا، ثم أصبح يومًا قد عزم على جلده، فاستشارهم. فقالوا: لا نرى أن تجلده ما دام وَجِعًا. فقال عمر: والله لأن يلقى الله تحت السياط أحبُّ إلي من أن ألقى الله وهي في عنقي. والله لأجلدنَّه. فجلده بسوط بين سوطين (¬1). وهذا يدلُّ: على أنَّه لا يلزم في ذلك دية لا على العاقلة، ولا في بيت المال؛ لأنَّ عمر سلك في حد الخمر مسلك الحدود المحدودة بالنصّ. وأمَّا جلد عمر لقدامة على ما ذكروا له من وَجَعِه، فكأنه فهم أن وجعه لم يكن بحيث يبالى به، ولا يخاف منه. وكأنهم اعتذروا به ليتأخر ضربه شفقة عليه، وحُنُوًّا. وقد ظهر ذلك منهم لما أَتَوه بسوطٍ دقيق صغير. فقال لأسلم: أخذتك دقرارة أهلك؛ أي: حميتهم الحاملة على المخالفة.
واختلفوا فيمن مات من التعزير. فقال الشافعي: عَقلُه على الإمام، وعليه الكفارة. وقيل: على بيت المال. وجمهور العلماء: على أنَّه لا شيء عليه.
و(قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا يجلد أحدٌ فوق عشرة أسواط إلا في حدٍّ من حدود الله) أخذ بظاهر هذا الحديث أحمد بن حنبل، وأشهب من أصحاب مالك في بعض أقواله. وقال ابن أبي ذئب وابن أبي ليلى: لا يضرب في الأدب أكثر من ثلاثة. وقال أشهب في مؤدِّب الصبيان. قال: وإن زاد اقتَّص منه. والجمهور: على أنَّه يُزاد في التعزير على العشرة. فمنهم من قصره على عدد بحيث لا يزاد عليه. فقال
¬__________
(¬1) أي: سوط متوسط بين اللين والشدّة.
الصفحة 138
648